الآلات الموسيقية الموريتانية التقليدية مهددة بالاندثار، وتكاد طرق استخدامها تختفي بين الجيل الجديد من الفنانين الموريتانيين الشباب، هذا ما أكدته الفنانة الموريتانية الشابة منى بنت دندني، خلال لقاء مع «البيان»، تحدثت فيه عن الفن الموريتاني التقليدي ومقاماته وألوانه، وعن مسيرتها الفنية ومحاولات التطوير الدؤوبة التي تقوم بها لتعزيز حضور الأغنية الموريتانية في الساحة العربية والدولية.
موروث موسيقي
وطالبت الفنانة الشابة المعهد الموريتاني للموسيقى بتكثيف جهوده لصون هذا الموروث الموسيقي والثقافي الزاخر، الذي تناقلته عبر حقب زمنية طويلة عائلات فنية عريقة ومعروفة، ومن الواجب تحمل المسؤولية بخصوصه، ونشره والتعريف به وإعطائه حضوراً يليق به، أمام إهمال مطلق يتهدد صميم الفن الموريتاني، محملة هذا المعهد المسؤولية الكبيرة، حيث لم يستطع بعد 4 سنوات من إنشائه العمل نحو هذا الاتجاه، مضيفة أن الآلات الموسيقية الموريتانية التقليدية مثل «التيدينيت» و«آردين» وغيرها مهددة بالاندثار، لأن الأجيال الجديدة في عزوف عنها وهو ما يشكل خطراً على التراث.
منى المتواجدة حالياً في دبي، في إطار أنشطة فنية، قالت إن هذه هي زيارتها الأولى إلى الإمارات، لكنها مؤمنة كفنانة، بما يتيحه هذا البلد من فرص، كونه قبلة لكبرى التظاهرات والفعاليات الفنية والموسيقية العالمية، كما أنها ترى أن فرصتها الكبرى قد تكون في الساحة الفنية الخليجية، مبررة ذلك بالكثير من القواسم المشتركة بين البيئتين الموريتانية والخليجية، والمشتركات والخصوصيات الثقافية بشكل عام تلغي الكثير من المسافات، كما أن التقارب على مستوى العادات والتقاليد يساعد على ذلك.
حُلم العالمية
منى بنت دندني، التي رفضت قبل سنوات، عرضاً كان بإمكانه أن يقودها إلى مستوى بعيد، حين عرضت عليها شركة إنتاج عربية رفيعة المستوى، بعد فوزها بالجائزة الكبرى في مهرجان الموسيقى العربية، أن تقودها إلى العالمية، لكن شرطها الوحيد أن تتنازل عن ارتداء الثوب المحلي التقليدي، الذي تتميز به إطلالتها الدائمة، ترى أن الفنان هوية وضمير قبل أن يكون أي شيء آخر، كما أن مهمته الأساسية تقديم أجمل الصور عن بلاده، لأنه بمثابة سفير لهذه البلاد.
جديد فني
وعن جديدها الفني، قالت دندني: أعكف حالياً على إنجاز ألبوم فني من إنتاج شركة (النورس) في تونس، وهي شركة فنية مهتمة بالموسيقى في أقطار المغرب العربي، ويحمل الألبوم عنوان (يوم بعد يوم) وكلماته موريتانية ومغاربية، وسيوزع قريباً على الشاشات الفيديو كليب الأخير لأغنيتي (كافيني)، التي تركت صدى قوياً في الساحة الموريتانية والمغاربية.
جذور عربية
وحول الموسيقى الموريتانية والجهود التي تبذلها لتطوير هذه الموسقى، قالت إن الموسيقى الموريتانية ضاربة في الموسيقى العربية، ولم تؤثر فيها التمازجات التاريخية والجغرافية إلى حد بعد وظلت محتفظة بمقاماتها الأصيلة، ذات الوتر الخماسي، تحت مظلة الموسيقى الشرقية، فيما كانت دائما هناك محاولات للتطوير قادها مجموعة من الفنانين، من ضمنهما شقيقها الفنان والملحن لوليد ولد دندني، لإدخال ايقاعات جديدة على هذه الموسيقى، مؤكدة أن الفنان لابد أن يكون له لونه الخاص، وأسلوبه الفني المميز المعروف، كما يجب ألا يتوقف وأن يواصل الإبداع، لأن التوقف معناه التراجع أو النهاية.
منى أغلب أغانيها من تلحين شقيقها، كما تلحن لنفسها أحياناً، فيما تساعدها بشكل كبير شقيقتها النجاة دندني، والتي تظهر معها بشكل دائم في حفلاتها الموسيقية، مشكلتين ثنائياً مميزاً ومحبباً، عرف بإطلالاته في الساحة الفنية الموريتانية.
مدرسة موسيقية
منى أخذت الفن من أسرتها، المشهورة تقليدياً بحضورها الفني، لكنها تأثرت بالفنانة الموريتانية الراحلة ديمي منت آبة، التي شكلت مدرستها خصوصية في مسيرتها، وما يحز في نفس الفنانة الشابة أن حقوق الملكية الفكرية لا تزال منتهكة في بلادها، كونها تحد من توسع أنشطة الفنانين وتوزيع أعمالهم الموسيقية وألبوماتهم بشكل منصف ويخدم الفنان، إضافة إلى غياب القطاع الخاص ورجال الأعمال عن الاستثمار في الأنشطة الفنية، التي تمثل صورة مهمة من صور الثقافة بشكل عام.
سليلة الأسرة الفنية العريقة، طالبت أيضاً الفنان الموريتاني بألا يحصر نفسه في مساحات تقليدية ضيقة، كإحياء الأعراس، وهو ما لا تعارضه لأنه من ضمن الحفلات الخاصة التي من حق أي فنان أن يشارك فيها، لكنها تحب أن يكون طموحه أكبر، وخارج الحدود التقليدية، ليعرف بألوان بلاده الموسيقية وتراثه الموسيقي الزاخر والمتميز.
إضاءة
منى بنت دندني فنانة موريتانية شابة، لها حضورها المميز في الأغنية الموريتانية، كما لها إسهاماتها في الفن الموريتاني ومشاركتها في مهرجانات عربية وعالمية عدة، حيث فازت في مهرجان الأغنية العربية بتونس سنة 2008 بجائزة خاصة من لجنة التحكيم، كما حصلت على الجائزة الأولى خلال مسابقة الأغنية العربية المنظمة من طرف اتحاد نقابات الموسقيين العرب سنة 2009 في المملكة المغربية، وجائزة أحسن أداء في منافسات جائزة الميكرفون الذهبي المنظمة في القاهرة سنة 2010، ضمن فعاليات مهرجان الأغنية العربية.
من أغنياتها المشهورة «كافيني» و«عزمت الرحيل» و«أرض الرجال»، وغيرها.