غضبنا كثيرا - درجة التوتر- بعد نهاية لقاء "المرابطين" مع غينيا "الاستوائية".. لم نغضب لأن فريقنا خرج من كأس إفريقيا فتلك "دار" عرفناها وسكناها، ولكننا غضبنا لكرامتنا المهدورة من طرف الغينيين، الذين لم يرعوا فينا إلا ولا ذمة، وعاملوا فريقنا وبعثتنا بصلف وعنجهية من لحظة دخول أرضهم التي يبدوا أنهم لم يقرأوا فيها يوما "ادخلوها بسلام آمنين" وحتى المغادرة..!!
مطعم قذر، وحافلة ضيقة، وعبارات نابية، واستفزاز لم يتوقف، ورشق بالحجارة، وإذلال لأعضاء البعثة، و لاعبى الفريق، واستخدام للقوة ضدهم في الملعب، بل حتى على أرضية المران، و"تفخيخ" ممنهج لمعنويات لاعبينا الذين لعبوا في أجواء عدائية بكل المقاييس.
جمهور عدائي مثل سلطاته، وأرضه، وطقسه، وظروف لا يمكن لأي كان تحملها، مهما كانت قوة مراسه..!!
ما حدث في "مالابو" كان مجزرة، ولا يمكنني إعطاؤه صفة أخرى..
ما نريده الآن ليس التأهل، ولا الذهاب إلى المغرب، نريد ببساطة أن يعتذر الغينيون لنا، وينالوا - مع طاقم التحكيم السيئ- العقوبة المستحقة من طرف الاتحادين الإفريقي والدولي لكرة القدم، ولا نرضى بأقل من ذلك.
لن نصبر على "خبطتين" في الرأس الإقصاء، وهدر الكرامة..!!
نعم ليذهبوا بنصرهم إلى الجحيم، ولكن لا يجب أن يجعلوا من كرامتنا المهدورة على طرقات "مالابو" جسرا يعبرون عليه إلى المغرب، فكرامة مواطنينا ليست جزء من الحسابات الرياضية، وإذلالهم لا نقبله أبدا، ولو سقطت السماء على رؤوسنا..!!
لن نلوم فريقنا الوطني، فقد كانوا رجالا محاربين أشداء، قاتلوا بوطنية لافتة، لكنهم حاربوا ظروفا "تزول منها الجبال"..لعبوا في بلد سيئ الضيافة، وأمام جمهور همجي، وشرطة وفرت لهم الرعب بدل الأمن، وسلطات رياضية كان همها الوحيد حرق أعصابهم، وطمر معنوياتهم، وتحكيم تعامل معهم بحقارة وانحاز للخصم في مشاهد فاضحة، تتنافى مع أبسط أبجديات الرياضة..!!
لن نلوم الاتحادية، فالقائمون عليها كانوا على المستوى في احتضانهم للاعبين، والعمل على التخفيف من معاناتهم، ومساعدتهم على تجاوز كل تبعات "المجزرة"..!!
لسنا راضين عن السيد "نفه"، ونعتقد أن لدينا مواطنين أفضل منه لتدريب المنتخب الوطني، وأكثر قدرة منه على تفهم ما الذي يعنيه "الأخضر والذهبي" بالنسبة لنا كموريتانيين، وكنت طالبت بإقالته، لكنني هذه المرة - وإن عدت للمطالبة برحيله - إلا أنني أعتبره من ضحايا "مجزرة مالابو" التي استهدفت كل ما هو موريتاني، ولو بالإضافة التي تقع (أحيانا) لأدنى سبب، والحق أنه رجل صبور ومتحمس، قدم الكثير لكرة القدم الوطنية، من ذلك أنه بذل جهدا ووقتا لاستقطاب طيور الرياضة الموريتانية المهاجرة بحثا عن دفئ افتقدته على شواطئها، فقدم لنا "فسيفساء" موريتانية رائعة، لعبت بحماس وصبر ووطنية، وتحملت من اجلنا كل ما هو ممكن من تضحيات ( نحن فخورون بكل هذه القامات الموريتانية الفارعة وممتنون لكل ما قامت به من أجلنا أداما با ، غيدلى،عمر انداي،كامارا،دمبا،سنغاري،عبدول،بلال سيدى بى،اسماعيل دياكيتى، دومينيك، قوروموقو، صيدو امبودج، أحمد احمدو،سليمان دياللو،عمرسي، تورى، العيد، بسام ، باقا،صمب أحمد، ممادو واد) درجة فراق بعضهم لبلاد مريحة طقسا ومعاشا ومغريات ومعنويات وملاعب وظروفا، لمعانقة غبار وطن ظلمهم ذات خطيئة، ولحمل ألوان الوطن الموريتاني وإن كانت "لتنوء بالعصبة أولى القوة"..!!
لا وقت لدينا للطم الخدود، وشق الجيوب، ومجالس العزاء، فالوقت هو لاستعادة كرامتنا، والقصاص من الذين استباحوها في "مالابو"و بقوة القانون، ولو أن لنا بهم قوة أخرى لما ترددنا في المطالبة باستخدامها.
نحن بنا من "مالابو" جراح كربلائية، لم نعد متحمسين للفوز بأي شيء، لا نريد كأسا ولا إبريقا، كل ما نريده أن يحترم العالم مواطنينا، وألواننا الوطنية.
إن استهداف أي مواطن موريتاني بالإرهاب البدني أو اللفظي، هو استهداف لنا جميعا، وتحد لمشاعرنا ، وعبث بكبريائنا وكرامتنا، ويجب أن يكون مرفوضا، وعلى الدولة الموريتانية إذا كانت لديها علاقة من أي نوع بغينيا "الإستمنائية" (أعتذر عن استخدام هذه العبارة) أن تقطعها فورا، انتصارا لفريقنا وأعضاء بعثتنا، وحتى لا يعتقد الآخرون أن الموريتانيين "حائط قصير" يتسلقه الأوباش والمشعوذون، وتتمدد من حوله أورام التاريخ والجغرافيا..!!
لنحول"المجزرة" إلى فرصة للعمل بصدق لمستقبل رياضي أفضل، لم نخسر شيئا، فقد ربحنا فريقا وطنيا بكل ألوان الطيف الموريتاني، لديه قوة وحماس واندفاع وطني نحتاجه اليوم وغدا.
لنحول جراحات" المجزرة" إلى "حبر" لكتابة انتصارات قادمة، ولنساعد "الجواد" الأخضر الذهبي على النهوض من كبوته، فميادين كثيرة تنتظره، وبنا شوق أبدي لسماع صهيله الحنون..
حبيب الله ولد أحمد