البيشمركة، هم ملائكة الله في أرضه، يسهرون عندما ينام الناس، ولاتأخذهم سنة ولانوم عندما يستيقظ الناس، إذ أن الناس لايستغنون عن حاجتهم إليهم ليلاً نهاراً، وإذا غفل للبيشمركة جفن في لحظة واحدة قد تؤدي هذه الغفلة إلى مهالك تطول البلاد والعباد ، ولذلك فإن عينهم الساهرة لاتمسها النار كما ورد في الحديث : عينان لاتمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين سهرت تحرس في سبيل الله .
ليس بوسع أي زعيم أن يخرج من بيته خطوة واحدة دون البيشمركة، كما ليس بوسع أي طفل أن يخطو نحو مدرسته خطوة واحدة دون البيشمركة، وقد استطاع هؤلاء أن يحققوا الأمن لمئات الآلاف من النازحين السوريين عن ديارهم وأموالهم وذكرياتهم ، كما حققوا الحماية لسائر العائلات العراقية اللائذة بهم من الأنبار، والبصرة، وسائر مدن العراق، ولايدين الإقليم لأحد قط دون البيشمركة الذين يتفرّدون دون غيرهم بأنهم أصحاب الفضل الأول والأخير في هذه الطمأنينة التي ينعم بها الإقليم الكردي.
لكن الملفت للنظر هنا هو الذي يأتي فلايقدّر لهؤلاء حقوقهم، بل يزيد عن ذلك بأن يقطع عن أطفالهم الطعام والشراب والأدوية من خلال توقيف رواتبهم التي توقفت نتيجة توقف دفع استحقاقات الإقليم من قبل المركز الذي لم يمنع عن سائر الجيش العراقي هذه الرواتب، بل خص بهذا المنع فقط البيشمركة( الجيش الكردي) وكأن مَن يحمي العائلات العراقية من سائر مدن العراق هم ليسوا هؤلاء الذين قُطعت عن أطفالهم المعيشة اليومية، وكأن هؤلاء لن يهبوا للدفاع عن سائر العراق إذا تعرّض لمكروه، وكأنهم ليسوا أبناء وأخوة الذين يديرون وزارات العراق السيادية، وبرلمانه،وكل تلك الطاقات الكردية التي تقدّم إمكاناتها للعراق .
لاتهمني هنا السياسات المقيتة، ولايعنيني شيء بقدر ما يعنيني أن أقول بأن انتماء البيشمركة القومي لايسقط عنهم مزية مواطنتهم العراقية، وليس بوسعي أن أفهم من هذا الإجراء سوى محاولة إسقاط الهوية العراقية عن هؤلاء بسبب قوميتهم وذلك عندما يكون التفريق بين أن تعطي قسماً من الجيش رواتبه، وتمنع هذه الرواتب عن قسم آخر.
ولكنني أحنيتُ رأسي، ورفعتُ قبعتي لذاك البيشمركة الذي لبث في موقعه وهو يتغدى بحبة بندورة وكسرة خبز بسبب توقف راتبه، ولم يكن أمامي حين أبلغتني محافظة أربيل منذ أيام بأنها تقديراً لروايتي ( هولير حبيبتي ) وضمن أنشطة برنامج أربيل عاصمة السياحة العربية لعام 2014 فقد كرمتني بمبلغ مليوني دينار عراقي، فشكرت المحافظة على هذه المبادرة، وأبلغتها بأنني متبرع بقيمة هذا التكريم إلى وزارة البيشمركة، وهي هدية متواضعة لدفع رواتب عنصر أو عنصرين من أديب يمثل لسان حال الأمة .
عبد الباقي يوسف
( نقلاً عن صفحة الكاتب في الفيسبوك )