في بلد لا يوجد بين فصوله السنوية ربيع ولا يوجد بين فرقائه السياسين من يسهر علي مصلحة البلد أو من يتسم بصفات الربيع, أوهم البعض أنفسهم بقيام ثورة شعبية تطيح برئس النظام الغاصب.
فبعد خروج الآلاف للشارع مطالين بالرحيل ومحاولة الإعتصام
حتي تحقيق المطلب الوحيد, تشهد الساحة الثورية إن صح التعبير ركودا مشهودا منذ ما يقارب العام دونما تحرك أو تبرير. ليعود الحديث من جديد عن مسيرات ومهرجانات للمعارضة قبل أقل من اسبوع علي انطلاق الحملة الرئاسية, وبعد سلسلة من المهرجانات الفردية تناوبت عليها الأحزاب المنضوية تحت شعار الرحيل سابقا.
فهل أحست المعارضة بصعوبة المهمة أم ان اتفاقا كان يحاك من وراء الكواليس ولم يتحقق في نهاية المطاف ؟, فبدل الخروج للشارع والمطالبة بالرحيل, إختصرت المعارضة في أنشطتها الأخيرة علي الندوات التي تحاول من خلالها فضح ما تسميه مغالطات النظام, قبل أن تدخل معه في حوار مباشر لتخرج منه خاوية الوفاض. صحيح أن الندوات خطوة مهمة لكنها جائت متأخرة, فيبدو أن المعارضة في (ثورتها الميمونه) تتجه للوراء,
فكان علي الحراك المطالب بإسقاط النظام أن يبدأ بالندوات وينتهي بالخروج للشارع ولإعتصام فيه, لا أن يبدأ بالشارع وينتهي في الفنادق ومقرات الأحزاب. فكيف سيكون الخطاب الجديد للمعارضة التي أكدت أكثر من مره عزمها علي اسقاط النظام غير الشرعي, وأين اسقاط النظام من مفاوضته وأين عدم الشرعية من الحوار, أسلئلة من بين أخري تطرح نفسها مجددا علي من كانوا بالأمس يتشبثون بمطلب الرحيل. صحيح أننا بحاجة إلي ثورة شعبية جادة تضع حدا لمسلسل المأساة والإنقلابات التي تعيشها هذه البلاد, لكننا أيضا بحاجة أكثر إلي رجال شرفاء يقدمون أنفسهم من أجل هذا الهدف السامي , بأفكارهم النيرة لا أن يحاولوا استنساخ الآخروهذا ربما هو السر في فشل ثورتنا التي اغتيلت قبل ان تولد. فإذا كانت الدول العربية قد عاشت ثورات مابات يعرف بالربيع ( رغم المآخذ عليه وما يلف مستقبل دوله من غموض ) فإن موريتانيا عاشت ثورة صيفية بحتة, إنتهت بإنتهاء الموسم, ويبدو أنها ستستأنف فيه.
فالتقليد هنا غير وارد, لأن الدول التي نجحت فيها الثورات – رغم تحفظ الكثيرين علي نجاحها- تختلف كثيرا عن موريتانيا العدة أسباب نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر : أن هذه الدول كانت تعيش حالة إحتقان سياسي وكبت للحريات علي عكس ما يوجد في موريتانيا. والأن الثورة فيها جائت عفوية وتمت من خارج الدوائر السياسية, فهي ثورة شعبية بحتة قام بها شباب لا يريدون منها مناصب سياسية , لتأتي المعارضة السياسية متأخرة وتقوم بالزج بنفسها بين صفوف الثائرين لتركب موجة الثورات. أما في موريتانيا فالعكس صحيح فالمعارضة هي من يحاول أن يقوم بالثورة ويدعي الشعب للإلتحاق بركبها في مهرجانات واعتصامات وخطابات مكررة.
فصدق أبو القاسم الشابي حين قال: إذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولكن إذا أرادت المعارضة الحياة فقد لايستجيب القدر و حتما لن يستجيب النظام .
محمد سالم ريومه