لقد أرسلت مسيرة الرفض التي نظمها المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة في يوم الرابع من يونيو 2014 رسائل عدة إلى صناديق بريد متعددة. ولقد كانت هذه الرسائل في مجملها رسائل واضحة وصريحة وغير قابلة للتأويل، ولا شك في أن هذه الرسائل الغير مشفرة قد وصلت الآن وعن طريق البريد السريع والمضمون إلى الجهات التي أرسلت إليها، وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة بأن تلك الجهات ستوفق في قراءة تلك الرسائل التي وصلت إلى بريدها مساء الرابع من يونيو من العام 2014.
الرسالة الأولى:
إن أول تلك الرسائل التي أرسلتها المسيرة كانت موجهة إلى بريد السلطة الحاكمة، ولقد كُتب في تلك الرسالة بلغة فصيحة وصريحة بأن المعارضة الموريتانية لا تعيش اليوم أسوأ أيامها كما تدعي دائما السلطة الحاكمة، وبأنه ما زال بإمكان هذه المعارضة أن تجمع حشودا غير مسبوقة في يوم صيفي حار.
لقد أثبت الحشد الكبير الذي اجتمع في الرابع من يونيو بأن غالبية الشعب الموريتاني ترفض انتخابات 21 من يونيو، وبأن هذه الانتخابات لن تحل الأزمة السياسية، بل إنها ستزيدها حدة، لذلك فعلى السلطة الحاكمة أن تعيد حساباتها، وأن تراجع مواقفها، وأن تعود إلى طاولة الحوار من أجل الاتفاق على موعد جديد لانتخابات توافقية وشفافة يشارك فيها الجميع.
الرسالة الثانية: وقد كانت هذه الرسالة موجهة إلى صناديق بريد السفارات الغربية، ومفاد هذه الرسالة، هو أنه على تلك السفارات أن تراجع مواقفها، وأن تتوقف عن التآمر على الديمقراطية في موريتانيا، وتشويهها، من أجل مصالح آنية يوفرها النظام الحالي.
على هذه السفارات أن تعلم بأنها ستخسر الكثير إن هي استمرت في تشويه الديمقراطية الموريتانية، وفي تزكية المهازل الانتخابية التي تنظمها السلطة الحاكمة، وأنها إن استمرت في ذلك فإنها بذلك ستستفز الشعب الموريتاني، وستهز ثقته المهزوزة أصلا في الحكومات التي تمثلها تلك السفارات، وقد يؤدي ذلك في المحصلة النهائية إلى أن تتحكم مشاعر الكراهية في العلاقة التي تربط بين الشعب الموريتاني وتلك الحكومات التي تمثلها تلك السفارات.
الرسالة الثالثة: وهذه خاصة بالأغلبية الصامتة من الشعب الموريتاني، والتي عليها أن تحدد موقفها في هذه الظرفية الحرجة التي تمر بها موريتانيا.
فعلى الأغلبية الصامتة أن تحدد موقفها من الصراع الدائر بين السلطة والمنتدى، بين من يريد أن يؤسس لديمقراطية القبائل والشرائح والأعراق، وذلك من خلال تهميش وتغييب الأحزاب السياسية، واستنهاض واستنفار القبائل، واستقطاب كل الأصوات المتطرفة من كل الشرائح والأعراق، وبين من يريد ديمقراطية حقيقية، تدعمها وحدة وطنية قوية تقوم على أساس خطاب سياسي قوى، لا تُسمع فيه الأصوات المتطرفة، ولكن وفي نفس الوقت لا تغيب عنه المطالبة الصريحة والجادة بحقوق الجميع، والتي لابد من تحقيقها من أجل بناء دولة العدل والمساواة.
لقد أعطت مسيرة الرابع من يونيو صورة حقيقية للشعب الموريتاني، بتنوعه وبتعدده، وكذلك بتوحد مطالبه، ويمكن القول بأن مسيرة الرابع من يونيو كانت هي المسيرة الأكثر تجسيدا للوحدة الوطنية من بين كل المسيرات التي شهدتها البلاد.
الرسالة الرابعة : هذه الرسالة كانت موجهة للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، وهي رسالة تقول فيها الجماهير الحاشدة التي حضرت إلى المسيرة لقيادات المنتدى: إننا لم نخذلكم في هذا اليوم الحار، ولا في هذه المسيرة الحرجة، فرجاءً فلا تخذلونا أنتم في القادم من الأيام.
إن على المنتدى أن يستثمر هذا الإقبال الكبير على مسيرة الرفض، وعليه أن يحوله إلى نضال سلمي فعال ضد انتخابات 21 يونيو، وعليه أن يبتدع أساليب نضالية جديدة قادرة على أن تحتفظ بل وتنمي المزاج المعارض لانتخابات 21 يونيو الذي أظهره الشعب الموريتاني من خلال مسيرة الرابع من يونيو، وأن يحول ذلك المزاج إلى فعل سياسي ميداني ضاغط وقادر على إفشال انتخابات 21 من يونيو وإفراغها من أي مصداقية.
بالمختصر المفيد على المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة أن يثبت بأنه يختلف عن منسقية المعارضة، وبأنه قد تعلم من أخطاء المنسقية، وبأنه لن يكرر بعد مسيرة الرابع من يونيو نفس الأخطاء التي ارتكبتها منسقية المعارضة بعد مسيرة الرحيل الأولى والثانية.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل