بعد فشل كل الرهانات وإدراك حجم التورط بدعم الإرهاب الذي أفضى إلى نشوء تنظيم /داعش/ الإرهابي ووصوله إلى أوروبا يبدو أن غالبية الدول الغربية بدأت عملية استدارة تجاه الأزمة في سورية ويظهر ذلك من خلال تصريحاتها في السر والعلن عن ضرورة الحوار والتواصل
مع القيادة السورية بعد أن حاولوا تجاهلها بغية مصادرة حقوق الشعب السوري وتنفيذ أجنداتهم.
تلمس الطريق الصحيح في مقاربة حل الأزمة في سورية والذي يقضي حكماً بالتواصل مع القيادة السورية بات موقفاً معلناً من الغالبية العظمى من المسؤولين الغربيين الذين يؤكدون اليوم ضرورة الحوار مع الرئيس بشار الأسد رغم استمرار الأصوات النشاز في فرنسا وبريطانيا بمعارضة هذا الأمر لأسباب تتعلق بارتباطات ومصالح مالية مع مشيخات النفط.
حجم الاستدارة الغربية تجاه سورية يبينها دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى في تصريح لصحيفة السفير اللبنانية إذ يؤكد أن “ضرورة الحوار مع الأسد هو موقف تتبناه بشكل أو بآخر 26 دولة أوروبية باستثناء دولتين تعارضان هما بريطانيا وفرنسا” قبل أن يشير إلى أن ما قاله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في هذا الشأن بات يمثل “تحولاً صار واضحاً الآن” تجاه الأزمة في سورية رغم محاولات الاستدراك والتوضيحات التي أعقبته بأن الموقف لم يتغير.
وكان كيري أقر في تصريح لشبكة /سي بي اس نيوز/ الإخبارية الأمريكية مؤخرا بوجوب قيام بلاده بالتفاوض مع الرئيس الأسد لإنهاء الحرب في سورية. وفي تصريح مماثل لذات الصحيفة يؤكد رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز بأن ما ظهر للعلن “ليس فقط موقف كيري” إذ أن هناك وزراء خارجية آخرين يفكرون بمفاوضات محتملة مع الأسد” مشدداً على أن المسألة في سورية هي أننا “نحتاج لجلوس جميع القوى المعنية حول الطاولة لإيجاد حل”.
وبالعودة للدبلوماسي الأوروبي الذي يبين أن كل ما يتعلق بهذه الاستدارة لا يتحدث عنه الوزراء الأوروبيون في العلن لكن بعض من التقاهم ويستمع إليهم خلف الأبواب المغلقة لا يبدو متحرجا من التصريح بموقفهم الجديد في هذا المنحى قبل أن يلفت إلى الخطأ الذي وقع فيه الأوروبيون من خلال تعاملهم مع الأزمة في سورية إذ “صنفوا منذ البداية الأمر أسود وأبيض وهذا لم يترك لنا دوراً يمكن أن نلعبه باستثناء دعم معارضة لدينا ما يكفي للشك في اعتدالها الآن”.
ولا يتردد الدبلوماسي الأوروبي بالإقرار بأن “الأوروبيين تعاموا عن مشاكل الجهاديين برغم أن فرضية دورهم كانت موجودة من البداية”.
وتزداد كل يوم الأصوات الغربية التي تعلن صراحة بأن الحل للازمة في سورية يكمن بالحوار والتفاوض مع القيادة السورية كخيار وحيد وأن الطريق الصحيح لمكافحة الإرهاب الذي انتشر في المنطقة وبات يهدد أوروبا والعالم هو بالانخراط والتعاون مع الحكومة السورية وجيشها ليكون السؤال هل ستتبع هذه الاستدارة الكلامية استدارة بالأفعال تتمثل بالعمل الجاد والمخلص لمكافحة الإرهاب وترك المجال للسوريين أنفسهم لإيجاد الحل السياسي الذي يطمحون إليه.