كرة الحوار في مرمى من؟

تتبادل أطراف في السلطة والمعارضة كرة الحوار الوطني المرتقب، ففي حين تقول الأغلبية إن الكرة في مرمى المعارضة، ترد الأخيرة بالنفي وتقول إنها في مرمى السلطة، وبين هذا المرمى وذاك ظلت الأسئلة الجوهرية حائرة، وهي حوار ماذا؟ ولماذا؟ ومن أجل ماذا؟

والواقع ان مطالب البعض بحوار وطني وفق رؤية المنتدى فيه إجحاف كبير بباقي ألوان المشهد السياسي، فبعض أطياف المعارضة لن يقبلوا بحل البرلمان والمجالس البلدية (الوئام، تواصل) لأنهما حققا مكاسب سياسية وانتخابية قادتهما لصدارة مؤسسة المعارضة الديمقراطية، وهما اليوم يحتلان الترتيب الثاني والثالث في الجمعية الوطنية، ومن الصعب التنازل عن هذه المكاسب دون الحصول على ثمن باهظ يعوض خسارتها إن لم يكن يوازيها في الأهمية فلن يكون أقل منها.

أما الأغلبية فلديها هي الأخرى ما يمنعها من الدخول في حوار على أسس كهذه، فهي تقود البلاد حاليا ولديها أكثر من 70% من المجالس الانتخابية سواء في البرلمان أو البلديات، ورئيسها منتخب بأغلبية مريحة، ولم يمض على تنصيبه عام واحد، وشركاؤها الدوليون والوطنيون راضون تماما عن أسلوبها في إدارة الحكم.

لذلك فليس من الانصاف أن يطالبها أحد بالتخلي عن كل هذه المنظومة مقابل إشراكه في غنيمة لم يعمل للحصول عليها.

إن الحوار من حيث المبدأ ضرورة، ومن مصلحة الجميع الجلوس إلى طاولته، لكن الخلاف هنا في الأولويات، ومن هنا فإننا نقترح تنظيم حوار وطني يبدأ بالأهم والأهم، وأول خطوة في هذا الاتجاه هي تنقية الحقل السياسي من أحزاب الحقائب التي تظهر تعنتا كبيرا في مواقفها من الحوار مع أنها لا تزن مثقال ذرة في المشهد، ومن السخافة أن نطالب نظام الحكم بالتنازل لهذه الاحزاب عن مكاسب لا تنال بالصراخ والعويل، وإنما بالصبر والتضحيات الجسام.

فالمنتدى الذي يمثل الجناح الراديكالي في المعارضة لا تتجاوز الاحزاب المنضوية تحته ثلاثة أحزاب فقط أما الباقي فهو عبارة عن عناوين الكترونية وحقائب ورخصة بمزاولة العمل السياسي، وقس على ذلك عشرات الصحف ومنظمات المجتمع المدني، والنقابات.. إلخ.

لقد شبه أحد المعلقين هذا المشهد بالتقري العشوائي فإذا كان كل رجل يبني عريشا على قارعة الطريق الرئيسي، ويطالب بتوفير الماء والكهرباء لـ"مدينته" فإن هؤلاء يحملون رخصا في حقائبهم ويتوهمون أنهم قادة رأي يجب إشراكهم في اتخاذ القرار السياسي للبلد.

إن الدعوة للحوار يجب ان تتوقف لأن الأطراف الأخرى ليست جادة، وليس لديها ما تقدمه، خطابا كان، أو عملا ملموسا على الأرض، وإلى أن يتم تجديد الطبقة السياسية، وتحديث الخطاب بالتالي، يبقى الحوار مجرد صوت خافت بلا صدى أو تأثير.

محمد سالم ولد الهيبة

جمعة, 08/05/2015 - 09:30

          ​