يدرك المتابع للمشهد الاعلامي الموريتاني اليوم ضبابية قاتمة في الأفق وآثار فوضوية لا تنذر بالخير إذا ما ظل الحال على ما هو عليه من إفراط وتفريط في استخدام موجة الحريات التي تمنحها الدولة للحقل الاعلامي ومنتسبوه، حيث برزت على الساحة الاعلامية في الآونة الأخيرة جملة من الأخذ والرد لا تصب في صالح أي طرف من العملية الاعلامية الصالحة والمقصودة أصلا.
فلا يمر يوم إلا ونتابع في إحدى وسائلنا الاعلامية صداما قويا بين بعض الاعلاميين وبعض الساسة في قضية لا تمت بصلة للاعلام ولا للسياسة، ويذهب كل منهما في منحا غير الذي يعنى بالاعلام، وكثيرا ما نلاحظ خرقا جليا لمبادئ المهنة الاعلامية وتجاوز صارخ لأحد رموز الوطن في المادة الاعلامية التي تنتج يوميا، وهنا يجب إلفات نظر الرأي العام والصحافة وأهل الاعلام إلى أن منبر الاعلام يجب أن يظل بعيدا عن الأمور الشخصية والقضايا الضيقة التي لا تخدم الوطن بل ونلحظ أن بعض الاعلاميين يحاول إبراز وجوده كنجم لامع بطرح أسئلة لا تخدم مهنته لمجرد إحراج ضيفه ويرد الضيف بكلمات جارحة او يتجاوز حدود اللياقة المهنية فيصبح الأمر أقرب للحرب منه لمادة إعلامية تقدم في بلد مسلم وموجهة لشعب واحد يختلف في بعض المكونات ويتفق في بعضها ويجمعه أكثر مما يفرقه.
كما لوحظ تكاثر الانقسام والتشرذم في أقسام المنظمين للحقل الصحفي ، حيث توجد عدة نقابات صحفية وعدة اتحادات لأعداد قليلة من العاملين، فكيف لشعب لا يزيد تعداد سكانه على 3 ملايين ونصف وتوجد بها من الروابط الصحفية والنقابات ما يفوق الخمسة عشر، وهذا يناقض روح التساوي والتكافأ في الميدان العملي، فيجب على الصحافة أن تتحد وتكاثف جهودها وتتفق على إنشاء رابطة واحدة واتحاد واحد يخدم قضيتها ولا تذهب في كسب رهانات لا وجود لها خارج أذهان أصحابها.
يجب على الاعلاميين في جميع المراتب وجميع الأعمار وفي مختلف المشارب أن ينتهزوا فرصة الحرية التي وهبتهم الدولة فمذ قيام موريتانيا لم تشهد الساحة الاعلامية قدرا من الحرية بقدر ما تشهده الآن، وتعتبر هذه الحرية أكبر منحة وهدية يمكن للدولة أن تقدمها للحقل الاعلامي فعلى الاعلاميين أن يرعوها حق رعايتها ولا يفرطوا بها، ولا يستخدموها في بعض الأموري الجانبية والشخصية التي لا تخدم الوطن ولا تعود عليه بخير.
اتلانتيك ميديا