صدر عدد من العلماء والمصلحين الاجتماعيين ونشطاء المجتمع المدني بولاية لعصابة بيانا أخلاقيا يهدف إلى محاربة العادات والتقاليد الاجتماعية السيئة التي باتت تستشري في المجتمع الموريتاني وتنعكس على حياته بشكل سلبي.
وهذا نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم، لا يخفى عليكم أننا نعيش في عصر كثرت فيه المغريات التي تدفع الشباب والفتيات إلى الوقوع في مستنقع الفساد ومنكرات الأخلاق، حيث تنوعت وسائل الشر وانفتحت زهرة الحياة، وسهل التواصل مع العالم الخارجي، وترك الحبل على الغارب باسم الحرية والديمقراطية، حتى ضعُفت الغيرة واضمحل الحياء وأصبح الحرام أيسر حصولاً من الحلال وكثرت الجرائم وفسدت الأخلاق وأهملت الواجبات، الأمر الذي بات يتطلب منا تسهيل الزواج ومحاربة العادات والتقاليد الاجتماعية السيئة كالتغالي في المهور والعقيقة والتعزية ورمي النقود في الأعراس، وذلك على النحو التالي:
أولا: العادات السيئة:
- فيما يخص حفلات الزواج: تقرر أن يكون عقد النكاح في المسجد وأن يسلم الصداق في المسجد لولي المرأة، وأن لا يتجاوز مائتي ألف أوقية، كحد أقصى، وأن لا يزيد (ارحيل) عن سرير وبساط للفراش ووسادتين وغطاء، بالإضافة إلى منع العادات السلبية المصاحبة لذلك والمتمثلة في رمي النقود في الأعراس وتقديم ما يسمى "كض" و"الصك" و"الكسم" و"الواجب" و"اسبوع" و"ارحيل الخريف والشتاء والصيف" و"التيمصفاط" و"التلكيه" وهدايا العيد للأصهار...
- وفيما يخص العقيقة: تقرر أن لا تزيد على شاتين وهي على الأب، وأن لا تجعل فيها "ندوية".
- وفي مجال التعزية: يجب على المعزي أن لا يجلس عند أهل الميت بل يعزيهم وينصرف، كما يمنع أهل الميت أن يصنعوا طعاما للمعزين لمخالفة ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "اصنعوا لآل جعفر طعاما" الحديث.
ثانيا: تسهيل الزواج، بتلبية الخطبة دون التحفظات الجاهلية التي لا مسوغ لها شرعا، وذلك امتثالا للحديث الشريف "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" وانطلاقا من قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) وقوله «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ» وقوله «أَنْتُمْ بَنُو آدَم،َ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهم بِأَقوَامٍ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جهَنمَ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَن عَلَى الله مِنَ الْجِعْلاَنِ التي تَدْفَعُ بأَنْفِهَا النَّتْنَ» وقوله «إنَّ أَنْسَابَكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِسِبَابٍ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ بنوا آدَمَ طَفُّ الصَّاعِ لم تملئوه، لَيْسَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلا بِدِينٍ أَوْ عَمَلٍ صَالِحٍ..» وقَوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعْضُوهُ بِهِنِّ أَبِيهِ وَلاَ تُكَنُّوا» وقد قَالَ: أبو ذَرٍّ رضي الله عنه: إِنِّى سَابَبْتُ رَجُلاً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ» متفق عليه، وفي الأثر «الناس سواسية كأسنان المشط...» ومن المعلوم أن الله أدخل أبا لهب النار وكرم بلالا بالجنة حيث قال متوعدا أبى لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ).
وطالب العلماء من أرباب الأسر والفاعلين الاجتماعيين بالالتزام بهذه الضوابط والارشادات سبيلا إلى إصلاح المجتمع وانتشاله من وحل التخلف ومستنقع الفساد.