قد يبدو العنوان غريبا؛للوهلة الأولى، بيد أنه في الواقع يلامس حقيقة من يدعون أنهم ذاهبون لمقاطعة استحقاقات 21 يونيو الجاري، بعد أن ندموا على رفضهم المشاركة في الاستحقاقات البلدية والتشريعية التي شهد تها البلاد نهاية العام الماضي..
ومع أنني كنت ممن يفضلون عدم الكتابة عن أولئك الذين يريدون أن يظل الانسداد السياسي سيد الموقف وتبقى وتيرة التنمية متوقفة حتى يجدوا ما يعمر جيوبهم الفارغة مثل برامجهم السياسية ، لسبب بسيط هو أن أفكارهم ومبادئهم وقراراتهم لا تستحق الكتابة عنها ولن تسلي القارئ إن قرأها ، إلاأني هذه المرة تفاجأت بمستوى النضج الذي وصلوا اليه ؛ والمتمثل في قرارهم الصائب ولأول مرة بمقاطعة الانتخابات الرئاسية وتنازلهم عن أحزابهم التي كانت تفرض عليهم أن يكونوا ديمقراطيين وأن يتصفوا بصفات هم منها برءا ، وقرروا الدخول في ناد يتبعون فيه لشخص لا يتقاسم معهم في أي شيء لإدراكهم أن شعبيتهم قد تراجعت بل انعدمت ، وأن الناخب الموريتاني قال لهم (إن رصيد حسابكم غير كاف لإجراء هذه الانتخابات) فقررت أن أكتب .
فرغم ما قدم لهم من تنازلات ليس خوفا منهم؛ فهم لا يمثلون إلا أنفسهم المسكونة بحب المال والنفوذ، بل من اجل أن يشرك كافة أبناء هذا الوطن في مسيرة الإصلاح التي دشنها الرئيس محمد ولد عبد العزيز منذ وصوله إلى سدة الحكم، وهنا لا أريد الغوص في الانجازات الكبيرة التي تحققت في عهده وفي مختلف المجالات لأنها ببساطة بادية للعيان إلا للذين بقلوبهم مرض والجاحدين الذين ملأ الحقد عيونهم وباتوا أشبه بـ"الأطرش في الزفًة" كما يقول إخوتنا المشارقة وكأن هذا البلد لا يعنيهم وما يقام به للصالح العام مجرد "ترهات" ومسرحيات هزلية لا تقدم ولا تؤخر.
من نعم الله على هذا البلد الذي تقاذفه لفترة طويلة "شلة" من المفسدين الفاسدين، أنه شعبه بات على بينة من نوايا تلك المجموعة والتي من محاسن الصدف أنها اليوم مصطفة في تيار معروف لدى القاصي والداني بعد أن جرفها تيار التغيير وحشرت في خانة "المرفوضين" لدى عامة المواطنين، غير أنهم وهم يشعرون بمرارة الغياب عن المشهد السياسي لطمعهم في التوظيف والحصول على حصص يقتاتون عليها من المال العام، خرجوا للرأي العام بطريقة جديدة لا تقل "خبثا" عن سابقاتها وهي ما أسموها المقاطعة النشطة وكشفوا عن أنشطة موازية للحملة الرئاسية التي تدخل يومها الخامس دون أن تسجل نواقص.
ولأنهم يراهنون على أن مقاطعتهم لرئاسيات 2014 ـ وهم مدركون أن المشاركة ستضيف انتكاسة جديدة إلى سجلهم المثقل بالهزائم ـ واستخدموا لذلك هالة إعلامية وأموال باهظة يجهل مصدرها سعيا لإفشال الانتخابات عن طريق خفض نسبة المشاركة، غير أنهم لا يدركون بأن مقاطعتهم هذه هي مشاركة في حد ذاتها ودليل ساطع على نضج التجربة الديمقراطية في بلادنا وتعامل السلطات الحضاري مع كافة مكونات الطيف السياسي، ذلك أن قيام "المنتدى" بنشاطات مخالفة وموازية للحملة الانتخابية في العاصمة وخارجها دون أن يقف في وجها أي كان؛ رغم ما يعتريها من تجاوزات.
والحقيقة التي لا مراء فيها هي أن الغالبية الساحقة من الشعب الموريتاني ستصطف صبيحة الـ21 يونيو الجاري أمام مكاتب الاقتراع ليس لتجديد الثقة في من رسم البسمة على شفاه الفقراء، ورفع من شأن العلم والعلماء وأعاد للبلاد هيبتها ومكانتها بين الأمم ، والذي لولى إكراهات اللعبة الديمقراطية وحرصه على تكريسها لما احتجنا الى تنظيم انتخابات لأن أغلبية الشعب لايريدون غيره ، بل لتوجيه الضربة القاضية لمن يسعون لإيقاف قطار التنمية والحكم الرشيد وتكريس دولة القانون بعد أن تلقوا كدمات موجعة في الاستحقاقات البلدية والتشريعية الماضية.
بقلم : احمد مختيري