لماذا يهتم الموريتانيون بالقضايا الخارجية أكثر من اهتمامهم بقضايا بلدهم ؟ (تحليل)

" من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم" .. رغم الخلاف بين علماء الحديث حول صحة هذا الحديث، إلا أن أهل الفيسبوك في موريتانيا ما شاء الله يأخذون بمضمونه، فاهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي في موريتانيا بالقضايا الخارجية يفوق بكثير اهتمامهم بقضايا بلدهم، ونأخذ هنا ثلاث قضايا خارجية كمال فقط، أولا الوضع في مصر، فرغم مرور وقت طويل على الإطاحة بنظام محمد مرسي، ووجود رئيس ونظام جديدين، - بغض النظر عن الموقف منهما- إلا أن أهل فيسبوك في موريتانيا لا يزالون يتعاطون بحماس، واندفاع، واستماتة مع شرعية مرسي، وظلم الإخوان المسلمين، ويختلفون في تصنيف ما جرى هل هو ثورة، أو انقلاب.. والجدل على أشده.

 القضية الثانية هي الحرب في اليمن، بين من يراها "عدوانا" من السعودية على اليمن، ومن يراها " حربا مقدسة" للدفاع عن مكة، والمدينة، ووقف زحف الشيعة، وبين الرأيين يستفيض أهل فيسبوك في موريتانيا، ولا يعدمون وسيلة للدفاع عن هذا الرأي، أو ذاك، ويحتم الجدل ليصل حد التخوين، وربما التكفير، وزاد الجدل مع احتمال مشاركة موريتانيا في هذه الحرب، رغم عدم تأكيد الجهات الرسمية لذلك.

القضية الثالثة، والأحدث هي الموقف من حزب العدالة والتنمية، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد فوز حزبه الأخير بانتخابات تركيا، ففي موريتانيا من أهل فيسبوك من يراه زعيما منقذا، ومخلصا، وأميرا للمومنين، وقدوة، ومن يراه عكس ذلك تماما، ولا يبدو أي من الفريقين مستعدا لتقبل الهزيمة في هذه المعركة، التي مسرحها فضاء فيسبوك، وأدواتها التدوينات التي يسهر أصحابها حتى ساعات الفجر لمراقبة الوضع، والرد بالمثل على أي هجوم.

وإذا نظرنا بعمق إلى هذا الجدل في موريتانيا، وتغليب القضايا الخارجية على هموم الوطن، نجد أن كلمة السر في ذلك هي " الإيديولوجيا" فأي زعيم ينتمي للتيار الفكري الذي يعتنقه الموريتاني يدافع عنه باستماتة، ويحول سيئاته إلى حسنات، والعكس صحيح، فنحن شعب نعيش على الإيديولوجيا، حتى لا أقول على الأوهام، فمالنا، ولمرسي، وما شأننا بأردوغان، والحوثي.. أوليست المشاكل الداخلية أولى بالنسبة لنا؟! لماذا لا نركز على الوضع الاقتصادي في بلدنا، وهموم المواطن، وفرص التطور، وطرق معالجة مخلفات الاسترقاق، وكيف نحصن مجتمعنا من التطرف، والأزمة السياسية، وسبل الخروج منها، والتعليم وكيف نطوره، والوحدة الوطنية ومقوماتها، ومهدداتها.... وووووو ؟؟؟؟.

صحيح ينبغي أن يكون لنا رأي من القضايا الخارجية، ولكن يجب أن ندرك، ونفهم أنه مجرد رأي فحسب، فنحن كمن يتفرج على مباراة كرة قدم بين فريقي برشلونا، واريال مدريد، نستمتع بالمباراة، ونبدي رأينا، لكننا لن نؤثر فيها، بل إن كلا الفريقين ربما لا يعلم بوجود بلد اسمه موريتانيا، فلماذا نتعب أنفسنا، ونستنزف طاقاتنا في هجوم، أو الدفاع عن من لا يعلم بوجودنا أصلا؟؟  الوطن أولا .

سعدبوه ولد الشيخ محمد

أربعاء, 04/11/2015 - 23:03

          ​