من تاريخ الأزياء في موريتانيا/سيد أحمد ولد الأمير

نشرت في تدوينات سابقة رسوما وصورا لموريتانيين عاشوا في القرن التاسع عشر... وأبرز ملاحظة تناولها المعلقون على تلك الصور وتلك الرسوم تتعلق بالأزياء وأنواع اللباس التي كان الناس يلبسونها في ذلك القرن وفي القرون التي قبله.

 

ومن بين تلك الملاحظات ما أثاره عميدنا -نحن معاشر الصحفيين- الأخ الأكبر الحسن ولد مولاي اعلي، فقد أغراني بملاحظاته المفيدة والمتعددة إلى أهمية البحث في هذا الموضوع، وتعميق النظر فيه، وفحص الوثائق والمصادر القديمة المتعلقة به... وهنا وفي هذه التدوينة سأتناول أحد أقدم النصوص الأوروبية المتعلقة ببلادنا والتي تتناول موضوع اللباس والمنسوجات، وهي عبارة عن وثيقة التاجر والناشر فلانتيم فرنانديز الذي زار بلادنا سنة 1505 أي بدايات القرن السادس عشر وتحدث عن سكان البلاد، ووصف أحوالهم ومعيشتهم ومساكنهم ولباسهم وأنواع الناس وعلاقاتهم وديانتهم وسمى بعض القبائل كالبرابيش والأودايا (وهم أجداد أولاد رزگ كما يبدو)، وصنهاجة وغيرهم...وكان مما ذكره فرنانديز أن الكثير من الناس في ذلك الزمن كانوا يبلسون الجلود، ومنهم من لا يجد من تلك الجلود إلا ما يغطي به بعض الأماكن الخاصة من بدنه؛ مما يعني أن الناس كانوا في فاقة شديدة، وأن اللباس وخاصة منه القماش والمنسوجات كان نادرا.

 

ويذكر فرنانديز من جملة ما ذكر في نصه المثير والغريب ما كان البرتغاليون يأتون به إلى هذه البلاد من بضائع قائلا: أما البضائع التي يأتي بها البرتغاليون (لموريتانيا) فتتكون مما يلي: الستائر وألوانها الألوان العادية كالأزرق والأحمر، وهذه الستائر قماش من القطن وبأنواع شتى كالبرنس والكساء وأحايكْ بأنواعه وخصوصا الدكالي وهو أجودها نسجا، ثم الحنبل، والبرود، و"البدم" (وهو سترة قصيرة بلا أكمام كما شرحها تيودور مونو). ومما يصدره البرتغاليون لموريتانيا: السروجَ، والرِّكابَ، والأوانيَ، والعسلَ، والفضةَ وهي أغلى في تلك البلاد من الذهب. ويستجلبون الزعفران والقرنفل والفلفل والزنجبيل والمرجان الأحمر بحباته المدورة، والعقيق وهو غاية في القيمة هنالك. ويصدرون القمح ويباع القنطاران منه بمثقال. وتصدير كل هذه البضائع إنما هو من صلاحيات ملك البرتغال.

 

 

انتهى الاستشهاد.ويتضح من هذا النص أن الموريتانيين استجلبوا أنواعا عديدة من المنسوجات البرتغالية في القرن السابع عشر الميلادي كالبرنس والكساء وأحايك والبردة وهي أمور لم تعد مألوفة اليوم ولا حتى في النصف الأخير من القرن العشرين.كان فرنانديز مبعوثا من طرف ملك البرتغال مانويل الأول (Manuel Ier d'Aviz)، وهو المشهور في الأدبيات الأوروبية بمانويل الثري، وهو الذي بنى الإمبراطورية الاستعمارية البرتغالية. وكان يمتلك مرسيين اثنين هامين أحدهما في حوض آرگين ببلادنا والثاني عى شواطئ غانا قرب العاصمة آكرا.

 ويقال إن إحدى الأميرات المنتمية إلى أسرة ملك البرتغال مانويل الأول تعرفت في مرسى آرگين على أحد الشخصيات الموريتانية البارزة في ذلك القرن وتعلقت به، وآثرت البقاء معه في هذه الصحراء، وقد تزوجها ذلك الموريتاني كما تقول الرواية وصار لهما نسل مذكور.وسأعود في تدوينة لاحقة للحديث أكثر عن أنواع المنسوجات المذكورة في النصوص البرتغالية وطرق استعمالها وكيف هجر السكان تلك المنسوجات لصالح الملحفة والدراعة.  - See more at: http://mourassiloun.com/?q=node/432#sthash.634Ub9rj.dpuf

ثلاثاء, 01/07/2014 - 19:53

          ​