زميلي إسحاق... نحن في انتظارك..

تمر الأيام في غياب الأحبة دون طعم، هكذا تحكي علينا لنتعلم من دروسها المبعثرة على أوراق الزمن المتنقل في شكل لا يوحي بتقدمه نحو الأفضل كانت الساعة تشير إلى اقتراب الثامنة من مساء 15 من أكتوبر 2013 وكان اليوم يوم عيد من أعياد أمتنا الإسلامية رغم حالة الفزع والوجع التي تجتاحها منذ بداية ما عرف بالربيع العربي.

كعادة العاملين في مهنة المتاعب كنت أقلب صفحات المواقع الإلكترونية وحدث أن تصفحت موقع قناة اسكاي نيوز عربية ليطالعني العنوان الرئيس (اختفاء طاقم قناة اسكاي نيوز عربية في سوريا)، لم يكن ذلك الطاقم إلا الزميلين إسحاق ولد المختار وسمير كساب وسائقهما السوري.

لم يذهب إسحاق وسمير طبعا كطرف في النزاع المحتدم في سوريا أو هكذا تحكي التقارير التي أنتجاها أثناء تواجدهما في الأراضي السورية قبل الإختفاء.

كانت المفاجأة كبيرة بحجم الحدث والمواقف التالية لما بعد الإختفاء هي المسيطرة على الذهن ورغم تحديثي للموقع عدة مرات على أمل أن يجد جديد، فقد بدأت بكتابة بيان باسم اتحاد الصحفيين الموريتانيين الشباب وكان الأمل بأن لا أكلمه يداعب الخيال. اليوم وبعد مرور سبعة أشهر على الإختفاء أقف أمام الواقع الذي لا بد من مواجهته سبعة أشهر من عمل لجنة أهلية تداعى لتشكيلها زملاء المهنة، هي كل ما أنجبه الوطن بعد عملية الإختفاء تلك، لكنها خلقت بداخلي تعلقا بالرجل الذي لم أتعرف عليه إلا عبر الشاشة الصغيرة، كنت حاضرا في تفاصيل عمل تلك اللجنة وتعرفت عبرها على والدة الزميل إسحاق ولد المختار وشاهدت الحزن في عينيها تحكيه عبرات تتسارع منهمرة دون توقف.

بباب القصر وقفنا نطالب بالتدخل الرسمي وننشد اللجنة الحكومية المفقودة رغم مرور سبعة أشهر من المعاناة. ولشاشة القناة الإماراتية تابعت على أمل أن أشاهد اهتماما بقضية الزميل على غرار ما تقدمه قناة الجزيرة القطرية من اهتمام لصحفييها المعتقلين لكن لا حياة لمن تنادي.

اليوم وأنا أكتب أخنق قملي لكي لا ينهمر الحزن الذي بداخلي حتى لا أقول السخط الذي بداخلي على طبيعة معالجة الملف من طرف الحكومة الموريتانية وكذا القناة الإماراتية التي وقفت تتفرج رغم مرور سبعة أشهر على اختفاء زميلنا فك الله أسره. ببرودة أعصاب تنقل الوكالة الموريتانية للأنباء خبرا ملغوما أقرب ما يكون إلى الخيال والهدف منه واضح هو السيطرة على عقول من تداعوا إلى التعاطف مع الزميل وبذات النهج المكشوف تتبجح القناة الإماراتية كاتمة الصوت ومصادرة الرأي مناشدة بعدم طرق الموضوع ؟؟؟.

بطبيعة الحال قد يكون الملف حساسا، يستدعي نوعا من الحكمة في التعاطي معه، لكن لكل شيء حدود والصمت المفرط قتال وعدم الإهتمام هدام.

قررت كتابة هذه الكلمات التي لم أخطط كثيرا للطريقة التي يجب أن تخرج بها رغم ميولي الواضح إلى التحكم في حزني، لكنني عندما أقارن حزني الذي أنتجته أواصر مهنة المتاعب بحزن تلك السيدة التي تعاني حرقة فراق فلذة كبدها أقف عاجزا لأقول إنني مجرد سارق يسرق الحزن.

فك الله أسر زميلي إسحاق وأعاده إلينا سالما إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

أحمد سالم ولد يب خوي

خميس, 15/05/2014 - 10:26

          ​