نائب رئيس "ايرا" يفتح النار علي ولد حرمه..ويذكره بماضيه

إن الخــَـــرَف هو أن يتخبط المرء ويهذي وينسى ما تعلم. يقول جل من قائل: "وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا".

 

 

نعم، لقد تخبط ولد حرمه وهذى وقال وتقوّل ونسي وتناسى. فمن أخرفُ ممن يقول عن نفس الشخص، بنفس العبارات، وبنفس الحجج، وفي نفس البلد، وفي نفس العقد انه "أفضل رئيس في تاريخ موريتانيا لأن البلاد شهدت في عهده طباعة المصحف الشنقيطي الشريف" وأنه "أسوأ رئيس في تاريخ موريتانيا لأن البلاد شهدت في عهده تمزيق المصحف الشريف".

فأي تناقض هذا؟ ومن يمكنه أن يقع في نفس التناقض إلا إذا كان خرفا أو به مس من جان؟ أم أن "الكاتب" و"السياسي" و"الطبيب" يحتقر ذاكرة الموريتانيين لهذه الدرجة؟.

الكل ممكن طبعا، فالخرف وارد والمس وارد واحتقار الموريتانيين أكثر ورودا لأن "موريتانية" الرجل مشكوك فيها، على الأقل من حيث الولاء.

أضف إلى ذلك أن تمزيق المصحف الشريف ليس ما راج في مسجد بتيارت، وإنما هو ما يقوم به الدكتور الشيخ ولد حرمه الذي يتلاعب بقداسته ويستخدمه في الشيء ونقيضه.

فكيف له، على مرأى ومسمع من المسلمين، أن يستخدم المصحف للتعبير عن السوء والفضلية في آن واحد؟ وكيف يجرؤ على استخدام الآيات حسب هواه وحسب مواقفه، فيرفع بها من والاه ويخفض بها من عارضه حتى ولو كان نفس الشخص وفي نفس الفترة؟.

لا يوجد تمزيق للمصحف أفظع مما يقوم به الدكتور جهارا نهارا.لقد قرأت ما كتبه الشيخ المختار ولد حرمه تحت عنوان "المسار الحانوتي 5" و توجست ككثير من الموريتانيين لما تضمنه هذا المقال من الشتم و القذف والقدح يتنافي مع أخلاقنا وديننا الحنيف خاصة أن الرجل طاعن في السن و يحمل شهادة عالية وتقلد وظائف سامية في بلده، فكيف له ان يشتم مهما كان السبب!؟لست بصدد الدفاع عن الجنرال الذي كان "سيف الدولة" بالنسبة للشيخ ولد حرمه وأصبح كافورا بالنسبة له أيضا، وكان بالنسبة له في مصاف النبيئين وأصبح في مصاف العفاريت.

لست هنا للدفاع عن الجنرال الذي اصطف "الكاتب" إلى جانبه غداة انقلابه الثالث على الديمقراطية الوليدة التي وأدها بمباركة من الشيخ ولد حرمه ورهطه من ألسنة وأعين وأقلام السلطان حينئذ.!

لن أدافع عنه إذن لأن قيمي ومبادئي والعقد الذي وقعت مع ضميري ومع الرأي العام يمنعني من ذلك.لكن سأبدي ملاحظات سريعة حول ما يعنينا من مما كتبه الشيخ المختار ولد حرمه: لقد هجا الرجلُ وليَه نعمته السابق بقوله انه في عهده قيم "بأسوأ استهتار وهو حرق أمهات كتب الفقه المالكي".

أيها الشيخ الباكي على منصب انتخابي لم يكتب له، إننا حرقنا هذه الكتب وكنا سنحرقها حتى ولو كانت موريتانيا مغربية! فالذين حرقوا هذه الكتب (أمهات الفسق والزنى وقطع الأرحام وإهانة البشر الذين كرمهم الله من فوق سبع سماوات) حرقتهم هي في العهود التي يبكي عليها الدكتور وحرقوها هم ثأرا وانتقاما لآلاف المسلمين الذي عاشوا وماتوا ضحية لها.

وبالتالي فمن أحرقوها ليسوا نادمين على ذلك وما كان لأي نظام آخر أن يفعل أكثر مما فعل نظام الجنرال: أي أن يأمر ولاته وحكامه وأئمته (وكلهم من فئة واحدة) والمؤلفة قلوبهم بتنظيم مسيرات في كل القرى والمدن مطالبة "بإنزال أشد العقوبة ببيرام وصحبه".

وكان الجنرال "الفاضل- السيئ" أو "السيئ-الفاضل"، حسب مزاج ومصالح ولد حرمه، قد تعهد أمام ناخبي تواصل بتطبيق الشريعة في حق بيرام.

ولكن هيهات ! قد كانت ستكون القاضية لو أن شعرة من شعره مست فقد لوحظت الإرهاصات في الأسواق والباصات والأماكن العمومية ! لقد وقفت إيرا شامخة تدافع عن قادتها ولم يستقر لها حال حتى خرجوا خروج الأبطال يحملون كتاب الله فوق رؤوسهم ! فماذا كان سيفعل الشيخ المختار لو كان له من الأمر شيئا؟أخي الدكتور، لو كان لك من العلم ما به تستنبط وتقيس لفهمت أن حرق كتب النخاسة كهدم مسجد قباء.

فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدم مسجد قباء لأنه مسجد ضرار، وقياسا على ذلك أحرقت جماعة من المسلمين كتب النخاسة لأنها كتب ضرار.

نعم، لقد كان مسجد قباء "مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ" لذلك هدمه النبي الكريم، وكانت كتب النخاسة فينا بنفس الأوصاف لذلك أحرقها المستضعفون من أتباع النبي الكريم.

إن من لا يفهم المقاصد الجليلة والدلالات العميقة والأعمال الخالدة والاستنباطات العقلية الكبرى يجب عليه أن لا يتكلم في الشأن العام، لأنه حينها سيكون مجرد رويبضة (قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ .

قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة). إن حرق الكتب سيظل عملا رائدا ستذكره الأمم القادمة وسيكون بداية عصر الأنوار الذي بدا بالفعل يطفو على السطح حين صوت أكثر من 60 ألف من أبناء العبيد لزعيم النهضة الفكرية والعلمية بيرام ولد الداه ولد اعبيد!تكلم الدكتور عن شنقيط وعلمائها وصلحائها ودعاتها و.

الذين ذاع صيتهم في كل مكان، ولابد أن ألاحظ له فقط أننا لا نعرف مِن هؤلاء سوى البارعين في الجاسوسية لصالح المستعمر ولصالح المغرب وامتهان "الشيخوخية" في دول الجوار الجنوبي ناهيك عن عدد قليل من حفاظ المتون الذين يفتون لمتسلطين حسب الطلب ! فلو كانت موريتانيا بلد كل هذا الجم الغفير من الوعاظ والزهاد والعلماء، كما يزعم الكاتب وأمثاله من الحالمين المزورين للتاريخ، لما كانت الدولة الأكثر استعبادا في العالم اليوم، فأين ذهب العلم؟عند تناوله في البداية لمسألة الإنتخابات الرئاسية، وصفها بـ"المهزلة"، وأنا أوافقه في ذلك الوصف بالنظر إلى النتائج لا بالنظر إلى المترشحين الذين قال فيهم الدكتور ـ إن شاء الله ـ : فلم يكن أمام الجنرال سوى الايعاز لإدارة أمنه بترشيح بعض منتسبيها في محاولة للتخفيف من المظهرية الأحادية التي طابقت جوهر النظام". هكذا وصفنا الدكتور دون حياء ولا خجل.

فنحن على الأقل ـ باعتراف الدكتور نفسه ـ مسجلون لدى إدارة أمن الدولة الموريتانية ونريد لموريتانيا أن تبقى للموريتانيين.. ونعتبر أن محمد ولد عبد العزيز مواطن موريتاني لنا الحق في أن نختلف معه أو نواليه ويجب أن لا يكون ذلك مقابل منصب وزاري ولا قيادة لائحة برلمانية ! فكيف يقوم رجل في هذه السن بسب وشتم مواطنين قرروا الإختلاف معه وآثروا المشاركة لكي يزنوا أنفسهم مع العلم أنهم يعرفون أن أبناء الشناقطة ـ في غالبيتهم ـ لا يوفون الكيل ولا يزنون بالقسطاس المستقيم !إن أكبر خطأ ارتكبه محمد ولد عبد العزيز في حق نفسه هو أنه لم يعين الدكتور على رأس لائحة النواب المؤيدين، ونحن ننصحه في المستقبل بأن يتقي " ألسنة الشعراء"، حينها سيقينا شر الهَـجـّـاء، وحينها سيجد من يهاجم المعارضة المقاطعة بقلمه، وحينها سيجد من سيعتبرون المشاركين صحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم! إن ما يقوله محمد ولد عبد العزيز علنا عن القبيلة والفئة والعبودية هو ما يقول معظم البيظان في سرهم الدفين ..مجتمع بنى ثقافته ـ في جزء كبير منها- على الكراهية والغيبة والنميمة !إن أحوج ما يحتاجه ولد حرمه هو تقييم نفساني.

يقول فرويد في كتابه "خمسة دروس في التحليل النفسي" إن "الطفل يظل حيا في نفس الكبير". لقد عاش الدكتور صغره معارضا لوجود كيان اسمه موريتانيا، وعاش شبابه في دولة لا يفتح فيها فمه إلا عند طبيب الأسنان، وعاش شيخوخته يظن نفسه كل شيء رغم ما صاحبه من فشل في المهنة والسياسة والوظيفة والكتابة، فأصبح يبغض الجميع ويتمنى للدولة الزوال والإنهيار حتى يكون بإمكانها أن تعود لتصبح ضاحية لوطن لم يعد يمكنه هو نفسه العودة إليه.

إن الموريتانيين لا يساوون أي شيء في قاموس ولد حرمه، والدليل على ذاك قصة المغربية التي فرض لها الدكتور عقدا قيمته تتجاوز قيمة مئة عقد لأمثالها من الموريتانيين.

فمواطن مغربي واحد في لا شعور الدكتور يعادل عشرات الاخصائيين الموريتانيين! مثلما أنه هو بالنسبة لتقييمه الخاص أفضل وأشرف من كل منتسبي إدارة الأمن!أخي الدكتور (وأعرف مسبقا أنك لا تقبل أخوتي بسبب مرض الفوقية الذي ينخرك)، يبدو أن فكرك متجمد وخيالك ينبش في الماضي وساعتك متوقفة، فنحن نعيش في القرن الحادي والعشرين في عصر الفيسبوك واتويتر والحاسوب.

والمعرفة والكتابة اليوم لم يعودا حكرا على فئة ولا قبيلة ولا عنصر ولا شخص. لقد أصبح من بين ابناء العبيد وضحايا فقه النخاسة، الذي سميته أنت "أمهات الكتب المالكية"، حملة شهادات عالية وطامحون لتسيير بلد لم يسير قط إلا كـ"خيمة كبيرة " يتحكم فيها وهـْـم تسمونه النسب والجاه.

وإذا كانت تلك هي أمهات الكتب، فبماذا ستسمي كتاب الله وكتب السنة المؤكدة عن النبي الأمي لا عن نبيكم "الشيخ خليل" و صحابته: الحطاب والدسوقي وابن عاشر؟..إننا -أيها الدكتور- رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لا نعرف أين توجد إدارة الأمن التي تتحدث عنها، ولا نعتبرها أكثر من وكر من أوكار الغبن والتلصص على أموال هذا البلد وهذا الشعب. وإذا كنا مسجلين هنالك فنحن مسجلون على اعتبار أننا رجال رفضوا الخنوع وبيع الضمائر، ولسنا مسجلين هناك كـ"جامعي أخبار" (ما تعرف في نفسك يدلك على "الجواسيس").

إن الصيت الذي نملك اليوم حققناه بأنفسنا وبصمودنا وصدعنا بكلمة الحق وعفتنا عند المغنم .. لا نحتاج إلى إسم طويل يذكـّـر بالأجداد للإستفادة من رصيد ليس في الواقع سوى زيادة شركات الإتصال: "كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء .

"، فلا وجود لهذا المجد الذي تتغنى به أنت وأمثالك من "أولاد لخيام لكبارات" إلا في أذهانكم المتحجرة العفنة، فقد سقطت كل الأقنعة واتضح كل شيء. إنه مجد بني على الإستعباد والغبن والتملق والنفاق السياسي، فلا يوجد في هذا البلد شخص يستحق ما لديه إلا من رحم ربك .

فالشهادات العليا ـ في أغلبها ـ وجدت بطرق ملتوية في الحصول على المنحة أو التأشيرة أو الديبلوم ! والثروات حصلت بالغش و الإيثار بدون وجه حق، فلا يمكن لشركة -مهما كانت ولا يزيد عمرها على عمر الدولة- أن تحقق أرباحا بالأحجام التي نعرف في هذه الفترة القصيرة .

إن المفارقة تكمن في أن الأثرياء في موريتانيا هم أولائك الذين لم يبذلوا أي جهد في تحصيل الثروة وأن الذين بذلوا جهودا مضنية في الغالب بقوا محدودي الثراء إن لم يكونوا في الحضيض !أخي الدكتور، إننا بحكم الديمقراطية وحرية الرأي، وبحكم العقد الإجتماعي، ليس من الضروري أن نتفق.

والديمقراطية كما تعلم، وإن كانت ليست مثالية، الأفضل والأسلم والأنجع في حضنها هو أن نناقش بدلا من أن نتبادل الطلقات النارية "الصديقة". رغم ذلك، نحن بالمرصاد.

اثنين, 14/07/2014 - 13:32

          ​