لغة تأبي أن تموت بقلم المهندس:الهيبة ولد سيد الخير

اللغة تشكل روح الأمة، وهي تجسد جسور الترابط والتناغم بين المجتمع ،كما تربط ماضي الأمة بحاضرها، وهي فوق كل ذلك وطن فسيح يسع الجميع كما أنها تصون موروث ونتاج الأمة، و تحمل رسالتها الخالدة وتحدد مكانتها وشخصيتها بين الأمم الأخرى.

وقد سعت كل شعوب العالم للتمسك بلغاتها والمحافظة عليها ،وبذلت الغالي والنفيس في سبيل صيانتها ، فالعديد من دول العالم اليوم تتكلم لغات لا يتحدثها غيرها ومع ذلك تتشبث بها.

لغات العالم

 

تقدر اليونسكو لغات العالم اليوم بستته آلاف نصفها مهدد بالانقراض ،وتسعة أعشارها لا يتحدثها أكثر من 4 %، وقد أقرت اليونسكو 21 فبراير كيوم عالمي للغة الأم وذلك سعيا منها للمحافظة علي التنوع اللغوي المهدد بالانقراض.

 

يتحد ث نصف سكان العالم 13 لغة فقط، بينما يتحدث النصف الآخر بقية اللغات، و تعد اللغات العشر الأوائل مثار اهتمام العالم، وقد تم وضع عدة معايير لتحديدها وكان الترتيب كما يلي:

 

 معيارعدد الناطقين الأصليين (وهم من يتحدثون اللغة كلغة أم) وجاء الترتيب كما يلي:المندرين-الاسبانية -الانكليزية –الهندية-العربية-البرتغالية-البنقالية-الروسية-اليابانية-البنجابية. معيار عدد الناطقين الثانويين (وهم المتحدثون بلغة ما غير لغتهم الأم) :الفرنسية -الانكليزية -الروسية –البرتغالية-العربية-الاسبانية- المندرين –الألمانية-اليابانية. معيار عدد البلدان التي تعتمد اللغة كلغة رسمية :الانكليزية الفرنسية -العربية -الاسبانية- الروسية–الألمانية – المندرين –الهندية-البنقالية. المحتوي علي الانترنت (الانكليزية –الماندرين الاسبانية- اليابانية- البرتغالية -الألمانية -الفرنسية –الكورية-الايطالية -الماليزية- الهولندية -العربية.) اعتماد اللغة كلغة رسمية لدي الأمم المتحدة:الانكليزية –الماندرين-الفرنسية -الاسبانية- الروسية -العربية.

 

 

لقد وضع George Weber لائحة لأهم عشر لغات اعتمادا علي المعايير السابقة ،وأخري مثل النفوذ الاقتصادي للناطقين باللغة ،ونتاجها العلمي والأدبي، ويعد هذا التصنيف الأفضل عالميا وقد رتب لغات العالم تبعا لقوة نفوذها كالتالي:الانكليزية-الفرنسية الاسبانية-الروسية-العربية-المندرين-اليابانية-الالمانية-البرتغالية-الهندية.

 

الشعوب تتشبث بلغاتها

 

نجد أن شعوب العالم تتشبث بلغاتها وتعتمدها كلغة رسمية قي كل المجالات حتي وان كانت لا تعتمد خارج حدودها ،فمثلا البلغار يعتمدون البلغارية وهي محصورة فقط في ذلك البلد ،وإسرائيل العبرية ،وأثيوبيا الامهرية ،وجنوب إفريقيا الافركانس ،وبورما البورمية ،وجورحيا الجورجية ،وأيسلندا الاسلندية ،و اندنوسيا الاندنوسية ،والفاتيكان اللاتينية، والنرويج النرويجية ،والنبال النيبالية ،وبولندا البولندية ،و أوزبكستان الاوزبكية، والتشيك التشكية . . . .الخ.

اللغة العربية في موريتانيا

 

بالرغم من أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في البلاد ،إلا أن ذلك لم يشفع لها فلازالت الإدارة تتعامل باللغة الفرنسية كما أن نظام التعليم يعتمد الفرنسية كلغة للمواد العلمية.يفسر المدافعون عن هذه الوضعية ذلك بعجز اللغة العربية وعدم مواكبتها للتطور العلمي، كما يعتبرون أن استخدامها من شأنه أن يؤدي إلي إقصاء شريحة الزنوج وبالتالي فتكون الفرنسية حلا لهاتين المشكلتين، ويعتبر آخرون بأن هيمنة لوبي متفرنس علي مفاصل الدولة هو السبب الحقيقي وراء إقصاء العربية لصالح الفرنسية.

العربية تدافع عن نفسها

 

 

إن مكانة اللغة العربية عالميا أمر لا جدال فيه ،فكل تصانيف العالم تضعها ضمن أهم ست لغات علي مستوي العالم ،دون أن ننسي مكانتها الروحية باعتبارها لغة القرآن الكريم وبالتالي فلا تحتاج أصلا لمن يدافع عنها.أما في موريتانيا فسنسلط الضوء علي خريجي الدول العربية خصوصا ممن تلقوا كل مراحل تعليمهم بالعربية واقترح مجالين علميين هما العلوم الطبية والعلوم الهندسية ،فبالنسبة للعلوم الطبية بكل فروعها (طب بحت وصيدلة وطب أسنان وفحوص مخبرية وأشعة )نجد شبة هيمنة لهؤلاء الخريجين في تلك التخصصات ،ويشيد الجميع بكفاءتهم وحسن تكوينهم ،كما أن نظراءهم في مجموعة اسنيم يتبوءون نفس المكانة ، لذلك فعقدة العربية في المجال العلمي فكت في بلادنا ،أما فيما يخص إقصاء شريحة الزنوج فاعتقد بان الأمر يجب أن يحل في إطار حوار مجتمعي يكفل حقوق مواطنينا الزنوج دون أن يفرض علينا لغة لا نحتاجها.لقد أثبتت الدراسات بأن من يتعلم بلغته يستوعب بشكل أفضل ممن يدرس بغير لغته الأم، ومثال ذلك مشهد حز في نفسي لأحد أطفالنا، حيث كان يراجع واجباته المدرسية ،وقد وجد صعوبة في فهم كلمة criquet ،وسألني عن معناها بالرغم من أن رهطا من الجراد كان يتطاير فوق رأسه أثناء طرحه السؤال، وعندما أجبته رمقني بنظرة ملؤها الحيرة ، وأحيل بدوري تلك الحيرة إلي منظري التعليم في بلادنا فكيف يطبقون مقاربة الكفايات والوضعية هذه .

 

إن اعتماد اللغة العربية كلغة عمل وتعلم لا تتناقض مع الانفتاح علي لغات العالم ،كما أنها يجب أن لا تقصي أحدا، وعلينا أن نعترف جميعا بأن كل لغات العالم تصبح ضعيفة أمام الانكليزية كلما تعمقنا في المجالات العلمية والأمر ينطبق علي العربية والفرنسية علي حد السواء.إن تصالح موريتانيا مع ذاتها، واحترامها لدستورها، واستجابتها لتطلعات شبابها تفرض عليها اليوم إعادة تقييم نهجها، بحيث تعطي لغتها مكانتها التي تستحق حسب الأصول المتعارف عليها بين الأمم. شعوب عديدة تحاول إحياء لغات تصارع الموت، أما نحن فنحاول وأد لغة تأبي أن تموت. . . .! .

جمعة, 01/08/2014 - 20:15

          ​