الحديث عن الحكومة بعيدا معيارية تشكيلها

داخل المكاتب في الإدارات و على موائد الصالونات في كل أحياء المدن و أرجاء الوطن لا اهتمام يرمي بثقله على أحاديث الكثيرين و من دون شجون إلا عن تشكيلة الحكومة المرتقبة:

·        ما لونها و ما طعمها و كيف هي رائحتها؟

·        من سيقودها؟

·        من هم الوزراء الذين سيشكلون مجلسها بالأسماء و الانتماءات العشائرية و العرقية و الطبقية و الجهوية؟

 

و لكن لا أحد يسأل في كل هذه المحافل عن ملامح البرنامج العملية الذي ستعكف هذه الحكومة على تنفيذها لصالح تنمية البلد و خدمة مواطنيه، و ما هي مرتكزات هذا البرنامج. كما أن هذه الأحاديث المسهبة لا تهتم بالوقوف عند نقاش أو رصد الآراء حول المعيارية التي يجب أن تتبع في اختيار "خدم الدولة" المقبلين هؤلاء، الفنية و العلمية و تلك المتعلقة بالكفاءة و الخبرة و التجربة و المصداقية و الجدارة و روح المبادرة و خدمة المواطن و الدفاع عن مصالح الوطن و فهم توازنات البلد و الإخلاص في الحفاظ عليها؟

إنها حالة فريدة لترقب  تشكيلة حكومة منوط بها حمل أعباء الكيان بكل أوجهه جملة و تفصيلا، سواء ما تعلق منه بـ:

-         وحدة و لحمة نسيجه،

-         أمنه الداخلي و على حدوده،

-         بنائه أفقيا و عموديا،

-         إشاعة العدالة و الديمقراطية،

-         توطيد أركان دولة القانون للجميع،

-         تنقية تاريخ الأمة جمعاء من شوائب الماضي المخلة بمفاهيم الوحدة و السلم الاجتماعيين،

-         وضع مخططات اقتصادية من خلال استغلال خيرات البلد الوفيرة استغلالا رصينا و توزيعها بعدالة و منطقية على كل ولايات الوطن بشكل يضمن تداخل و مشابك المصالح بينها و ترابط الأوصال في تناغم و انسجام التبادل و الإثراء.

 

ترى ما هي الأسباب الكامنة وراء هذه الحالة الفريدة التي تتعارض في شكلها و مضمونها مع مفاهيم الدولة الحديثة و متطلبات قيامها على أسس صلبة و ضمان ديمومتها متوازنة و آمنة من الارتجاجات التي تصل في بعض حالات الاختلال الشديدة إلى الانهيار و التفكك و التلاشي؟هل هي، و من دون لف أو دوران، نتيجة لعجز الذهنية العامة عن مصاحبة معطيات الدولة العصرية و التشبث في استماتة بعرى المفاهيم التقليدية المتجاوزة و محاولة إضفائها على منهجية الحداثة عبثا و مكابرة و مغالطة مكشوفة للحاضر الطافح بالمتغيرات العملية في حيز الثورة الجديدة على الظلامية المتجاوزة بأسلحة التنوير و التمكين التي بات يمتلكها عقل تبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر الإنسانية الجديد؟و إذا لم يكن الأمر كذلك فكيف يعقل إذا أن لا تنبري من بين الجماهير المتنورة بإيحاءات الحداثة و المتعلمة المتشبعة بمعارف العصر و المخضرمة  المنخرطة في تيارات صناعة و قراءة المعطى السياسي و مضامينه الإيجابية المحفزة على توسيع آفاق انعكاساته البناءة على مسار الوطن إلى استكمال نهضة الحداثة عنده و بناء الدولة السياسة المستكملة الخيارات في:

·        التعيينات عند اللزوم

·        و المخططات التنموية المتقنة و الفعالة المبنية على المعطى الرصين و المعتمدة على الاستشراف العلمي الدقيق الذي يرسم الآفاق المستقبلية الواعدة التي تخدم بدورها الوطن كيانا و تستهدف المواطن غاية.هو إشكال لا بد من الاهتمام بقراءته من كل الزوايا لما يرتبط به من جمود الحراك السياسي القائم و لما له، إن ظل قائما، من تقويض العمل على بناء و تأصيل مبدأ و قيم المواطنة التي بها و تحت ظلها تقوم دولة العدل و المساواة و تتشكل الحكومات من صفوة أبناء الوطن دون أي اعتبار للون أو العرق أو الطبقة و تباشر عملها خدمة للدولة القوية و للمواطن المتوازن الذي يقدر ذلك فيصونه و يدعم قواعد البناء و التنمية التي هو محورها و مبلغ أدائها. و هي القراءة أيضا التي لا بد أن يشارك فيها الجميع بتجرد و بشجاعة أدبية غائبة عن الخلق السياسي العام.و لما أن تكتمل هذه القراءة، التي قد تأخذ حيزا من الوقت و كثيرا من التفكير، فإن تشكيل الحكومات من بين تشكيل الأطقم لتوجهات أخرى لا تقل أهمية لإسناد عديد المسؤوليات الجسام في كل أوصال الدولة و مراكز تحركها و ثقلها، سوف تتم كلها في سياقات عملية و موضوعية  لن يكون للموازين البشرية التقليدية دخل فيها و إنما تخضع فقط لضوابط المنطق و العلمية من ناحية، و تستجيب لمتطلبات التنمية المنسجمة و الديمقراطية الانسيابية التي هي صمام أمان وضعية التوازن و الاستقرار الجديدين من ناحية أخرى.

خميس, 21/08/2014 - 08:33

          ​