قل الحقّ ولو على نفسك / ديدي ولد أحمد سالم

يكثر الحديث هذه الأيام عن ظاهرة إعلامية سيئة تملأ المواقع الألكترونية، وتشوّه سمعة مهنة الصحافة الشريفة التي تهدف إلى توعية المواطن ونصحه وإرشاده وإبراز الحقائق الخفية في أثواب علمية نظيفة، والدفاع كذلك عن مصالحه.

 

حيث خلق التنافس على المراتب الأمامية دافعا قويا للقائمين بتغذية هذه المواقع، إلى اتخاذ وسائل إغراء جديدة للقراء الباحثين عن الغريب والشاذ والعنيف وأخبار الجنس والدعارة والجريمة من مختلف بقاع العالم، فقد أصبح همّ المتنافسين المشتغلين بتغذية المواقع الألكتريونية التسابق نحو الحدث المرعب والمثير، دون مراعة لحدود المنظومة الأخلاقية التليدة التي يتمتع بها هذا المجتمع العظيم ، ودون مراعاة كذلك لصحة وجهة الخبر و دون ذكر لمصدر المبيقة في الغالب، وليس انتهاز غفلة القراء المولعين بالجريمة وأحاديثها و مواقع الرذيلة وتبعياتها ، مبررا للتقدم في هذا الإتجاه ، ولن يحجب عنهم ذلك نقد القلة الواعية والتي تشاهد ما يكتبون وما يبيتون ، وتطلع على حقائق نياتهم الداكنة و بسهولة.

 

       

ولسنا هنا لرفع قضية ضد قوم أو جهة، ولا في حالة دفاع عن الحظ و المكانة، وإنما نريد الثأر للحقيقة والصدق محاولين بذلك إعادة البريق لهذه المهنة الشريفة، التي طغت عليها المآرب والأهواء وحب الدنيا والنفاق والتزلف.

 

لقد أصبحت صفحات الأخبار مشوّهة مهينة لكل من يدّعي الانتماء إليها، وأضحت عناوينها حفرا تستهدف المستعجل، مابين قتل واغتصاب ودعارة وانتحار وتمويه في بنية الخبر وتضليل في جهته،  ودعاية بالكذب في الغالب، أو أنباء عن الحياة الخاصة لأحد المسؤولين، وحين يقنعك العنوان وتلج إلى عمق الخبر تكتشف على البداهة أن الحدث الذي أمامك قد وقع في بلاد قد تأتيها الآخرة دون أن نشعر بذلك.

 

وكما أننا نعي ضرورة التشويق والغرابة وثقلهما في صناعة الخبر و اهتمام القراء بهذا الصنف من الأخبار، فإننا أيضا ندرك الخطوط الحمراء التي يجب التقيّد بها لتسير المهنة بسلامة وتؤتي أكلها ويستفيد القارئ وهذا ما يستلزم تكاثف الجهود والتعاون بين المنشغلين في هذا الحقل الصعب المتجدد والذي يحاول مسايرة الزمن والتوفيق بين حاجة المواطن ورغبة الكاتب من جهة وبين الواقع وتحدياته وبناء جيل صالح ومستقبل زاهر من جهة أخرى.

خميس, 11/09/2014 - 10:26

          ​