رُموز الدولة / إسلمو ولد سيدي أحمد

يُطرَح حاليا موضوعُ رموز الدولة (أو الرموز الوطنية)، بكَثرة في مختلِف وسائل الإعلام ومنصات التواصُل الاجتماعي.

يجري الحديث عن ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية رموز الدولة، والتصدي لمروجي الشائعات.

 يُنتظَر أن يناقش البرلمان الموريتاني مشروع قانون لمعالجة هذه القضية الشائكة.

محاولةً مني للمشاركة في النقاش الدائر حول الموضوع، أود أنْ أبديَ وجهة نظري في القضية، مشيرًا إلى معنى الرمز لغةً واصطلاحًا، مع أمثلة تبين الفرق بين الأمرين.

 وذلك على النحو الآتي:

الرَّمْز: الإشارة، أَوِ الإِيمَاءُ بِالشَّفَتَيْنِ أَوِ العَيْنَيْنِ أَوِ الحَاجِبَيْنِ أَوِ الفَمِ أَوِ اليَدِ أَوِ اللِّسَانِ.

 وفي القرآن الكريم: (قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا).

 والرمز: العَلامة؛ رمز المنظمة أو الشركة، مَثلًا: العلامة التي تُعرَف بها وتدُلُّ عليها.

 الرمز، في عِلم البيان: الكِناية الخفية. ج. رُمُوز.

تطلَق رموزُ الدولة، بصفة عامة، على الثوابت والعناصر الوطنية التي تعبِّر عن السيادة الوطنية الكاملة. وتختلف هذه الرموز من بلد إلى آخَر.

من رموز الدولة، على سبيل المثال لا الحصْر: العَلَم، والنشيد الوطنيّ، والعُملَة، إلخ.

أعتقد أننا متفقون جميعًا على ضرورة احترام رموز الدولة، ومِن ثَمَّ فإنني أقترح أن نركز في النقاش على تحديد رموز الدولة بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية؛ وذلك في صيغة تعريف جامع مانع ينص بدقة على هذه الرموز ويحدد أهمها، في حالة تعذر حَصْرها.

 يشار هنا إلى أنّ للموضوع صِبغةً قانونية، عندما يتعلق الأمر بسن قوانينَ تحدد عقوبة لمن يدنس رموز الدولة أو يتطاول عليها.

ينبغي لنا تجنب العبارات الفضفاضة في هذا المجال القانوني البحت؛ لسد الباب أمام تأويلات لم تكن واردةً في ذهن المشرِّع.

 ثم إنه من المهم الرجوع إلى الدستور الموريتاني، للاطلاع على معالجته لبعض القضايا التي تشترك في الحقل الدلالي مع رموز الدولة، والإحاطة بفحوى القوانين المنظمة لهذه القضايا المشار إليها في الدستور؛ وذلك من أجل تجنب أيّ تناقض محتمل أو تداخل في المفاهيم.

ولعلنا نترك البت في هذا الموضوع للمتخصصين؛ فهم وحدهم القادرون على دراسة مشروع القانون وتمحيصه وتحديد مراميه بطريقة لا تحتمل أكثر من تأويل، مراعاة لخصائص القاعدة القانونية.

ولعل دورَ الكُتاب والمدونين والمثقفين، يقتصر أساسًا على تنوير الرأي العام الوطني، وتوعية الناس بضرورة حماية رموز الدولة وصيانتها وتعزيزها، دون تقييد الحريات التي يكفلها الدستور والنصوص المنظِّمة الجاري العمل بها؛ إذْ إنّ هذه الحريات مكتسَباتٌ يجب أن نحافظ عليها ونعززها، بشروط تحدَّد في القوانين والنصوص التنظيمية.

إنّ المتتبِّعَ لِما يُنشَر في وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك بصفة خاصة)، يجد مادة غزيرة تتضمن الغَثَّ والسّمينَ، الأمر الذي يتطلب من القارئ المستنير أن يختار بعناية الموضوعاتِ التي يستفيد منها في دُنياه أو أخراه- أو هما مَعًا- وهي موجودة لله الحمد، لكن صَدَى المنشورات ذات المضامين السلبية يطغى في بعض الأحيان على الجوانب الإيجابية؛ حيث توجَد "سيولٌ جارفة" من الكتابات المقزِّزة، شَكْلًا ومَضْمُونًا؛ أخطاء فادحة من كل نوع وصِنف، لغوية ونحوية وصرفية وإملائية لا تخطر على بالٍ، أساليبُ ركيكة، ألفاظ منفِّرة، عبارات تعبِّر عن ذوق سقيم وفكر منحرِف تعجّ بالشتم والسّبّ والنيل من أعراض الناس.

ينبغي لنا جميعا-كل من موقعه- أن نتحمل مسؤولياتنا في بناء بلادنا وتقدمها وازدهارها، في جو يسوده النظام والانتظام والوئام والسكينة والتعاون والتعاضد والتكافل والتراحم والاحترام المتبادَل؛ فرسالة الكاتب أو المدون رسالة خطيرة، لعلاقتها بحياة الناس وتربية النَّشْءِ على الذوق السليم وتنوير الرأي العام وتوجيه صاحب القرار السياسي.

حفظ الله بلادنا من كل مكروه ورفع عنا الوباء والبلاء، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.

خميس, 29/07/2021 - 12:23

          ​