شبابنا. ثقافة عزلة قوية أمام آليات تمكين ضعيفة / بقلم : السيد ولد الهاشم

تنمو الإتجاهات "الاستثنائية" والتيارات المحظورة فى متوالية هندسية أمام ضعف الآليات

المشروعة" فى مجال تمكين الشباب. وفى حين تتحرك هذه الاتجاهات الإنعزالية على غرار كرة الثلج تلهث وراءها مؤسسات سياسية مرهقة وضعيفة بشكل مستمر، ولكنه فى أغلب الأحوال لا يستقر.

 

وربما يبدو المشهد السياسى على هذا النحو فى بلادنا ، التى تزيد فى الإنفاق على أجهزة الأمن أكثر مما تنفق على مؤسسات التعليم ، ولكنها تواجه صعوبات متجددة فى استيعاب هذه التيارات الإنعزالية أو احتواءها حين تندلع، كمن يواجه مظاهرة سلمية بقوات مسلحة نظامية، فلا هو ينتصر ويلغى الرغبة فى التظاهر ولا التظاهرات تستطيع تغيير الوضع بشكل جوهرى، إلا إذا تغلب طرف على آخر تماما، وقهره

.

هذا النوع من العزلة بين الشباب وآليات الحكم يحتاج الى تدخل مباشر وهادف، وربما يؤدى تراكمه الى نتائج غير محمودة. فالعزلة -بمفهوم المخالفة- هى عدم المشاركة فى الحياة السياسية من منطلق الإحباط والشعور بعدم القدرة على التأثير، ومن ثمّ فالتمكين من المشاركة يضعف قدرة ثقافة العزلة على الحياة.

.

يؤدى استمرار العزلة الى ترسيخ الإنقسام، سواء بين النخبة والمجتمع، أو بين الشباب والسياسة.

وقد يعمد النظام السياسى والنخبة الحاكمة الى إبعاد الآخرين عن المشاركة فى السلطة، إلا أن ثقافة الإنقسام قد تتطور بشكل غير متوقع وتكون فى غير صالح النظام القائم ذاته.

 

وكثيرة هى الدراسات التى تشير الى ظاهرة الاغتراب الاجتماعى والنفسى، وخصوصا لدى الشباب، مما ينتج عنه افتقاد الأمن والتواصل مع الآخرين وما يرتبط بذلك من شعور بالوحدة أو الخوف، وعدم الاحساس بتكامل الشخصية، وشعور الشاب بأنه ضحية ضغوط غامضة ومتصارعة يعيشها المجتمع، ويشعر بعدم القدرة على ضبط الأحداث والتحكم فيها، وبالتالى يفقد الثقة فى نفسه وتترسخ لديه قيم السلبية والقلق والرفض. وقد يحاول البعض التعبير عن أزمته بأشكال عنيفة أو ينسحب من الواقع و يهجر المجتمع، الى الخارج أو إلى الماضى.

وتبدو تجليات مشهد الإنقسام فى زيادة حدة الإستقطاب وتعدد مجالاته بين الشباب أنفسهم إلي انقسام على المحورين "الدينى" و"البراجماتى الانقسام على الصعيد الدينى هو الأخطر، ربما لأن المرجعية فيه ذاتية وتختص بكل فريق، فالمتشددون فى التيارات الدينية لهم حجتهم والبراجماتيون المتشددون فى الوضعية لهم حجتهم، وقد يكون أى منهما عنيفا أو لا يكون، ولكن الإنقسام بينهما دائما ما يكرس العزلة ويتغذى عليها.

 

فربما أصبح الإنقسام على أساس "التدين" أكثر بروزا بين الشباب حتى داخل الجماعات والمؤسسات المتجانسة فى مصالحها ، وأكثر تفوقا على الإنقسام بسبب الثروة أو الطبقة أو المهنة.

 

بهذا المعنى، يصبح فتح قنوات المشاركة لدى الشباب مطلبا ضروريا من الناحية الاجتماعية والوطنية فضلا عن كونه أساسا للحكم الرشيد.

السيد ولد الهاشم 

 

ثلاثاء, 21/10/2014 - 12:21

          ​