جهود كبيرة مبذولة لتطوير و ترقية قطاع التنمية الحيوانية / أحمد ولد أممد

على الرغم مما تزخر به بلادنا من ثروة حيوانية هامة من حيث التعداد (21.053.000 رأس من الضأن و الماعز و 1.953.000 رأس من البقر و 1.471.000 رأس من الابل بحسب المكتب الوطني للإحصاء (ONS) لسنة 2016)، إلا أنها تتصف بكافة أنواعها بضعف الإنتاجية و أسوأ من ذلك أنها لا تخضع للمواصفات المعتمدة عالميا مما يحد من تسويقها حتى باتت موجهة فقط للسوق المحلية و بعض دول الجوار في الجنوب. و إذا ما وضعنا بالحسبان تأثيرات تغير المناخ التي تتجلى عندنا عادة بشكل جفاف مفاجئ يصبح الخطر محدقا...

و لما كان الحال كهذا ، كان من الطبيعي أن يندرج موضوع تطوير و ترقية قطاع التنمية الحيوانية في صميم أولويات برنامج فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني "تعهداتي". و في هذا الاطار لازال خطاب فخامته التاريخي في تمبدغة يتردد صداه، حيث أكد أنه عاقد العزم على انتشال قطاع التنمية الحيوانية من واقعه المتخلف و النهوض به نحو آفاق التنمية الرحبة...

ثم أنشأ فخامته بعد ذلك وزارة التنمية الحيوانية و عهد إلى أحد أبرز مقربيه بتولي قيادتها معالي الوزير لمرابط ولد بناهي، الذي ذاع صيته في الآونة الأخيرة كأحد أعضاء اللجنة البرلمانية المكلفة بتقصي ملفات فساد الرئيس السابق...و منذ توليه زمام الوزارة أظهر معاليه الكثير من الرزانة و الحكمة في معالجة الملفات و هذه فعلا حاجة القطاع حاليا و هو يخطو أولى خطواته في طريق التطوير و الرقي.

و يأتي مؤخرا تأسيس الشركة الموريتانية لمنتجات الثروة الحيوانية ليضيف حلقة جديدة في سلسلة الانجازات سبيلا لدعم و تطوير قطاع التنمية الحيوانية...

و من جهة أخرى لا يمكن التغاضي عن حقيقة أن نشاطات مصالح التنمية الريفية سابقا أو إدارة البيطرة لاحقا اقتصرت حتى فترة قريبة على تقديم الرعاية الطبية لقطعان المواشي أو اجراء حملات التطعيم بشكل منتظم... وأذكر سابقا و للطرافة عندما كنت أعمل في المركز الوطني للبحث الزراعي و التنمية الزراعية (CNRADA) اني ابتعثت في دورة تكوينية حول نبات الصبارOpuntia ficus indica  (و هو نبات علفي متحمل للجفاف و متعدد الاستعمالات)، نظمها المركز الدولي لبحوث المناطق الجافة و الأراضي القاحلة (ICARDA) بتونس في أواخر يونيو 2005، و أثناء الزيارة لإحدى المزارع النموذجية فاجأني مالكها بالسؤال : هل عندكم أبقار ؟ أجبته : نعم. فقال : كم متوسط انتاج البقرة عنكم من الحليب ؟ فأجبت مبالغا : 6 لتر في اليوم. فقال متهكما : معزاتي هذه تدر مثلها فأين بقرتكم منها من حيث الحجم ؟   لقد حز هذا السؤال في نفسي و تمنيت لو أن بيدي ما أصنعه...

اليوم و الحمد لله نعلم أن بلدنا قد قطع أشواطا معتبرة في ميدان التلقيح الصناعي للأبقار حتى أضحى من النشاطات الروتينية في القطاع ناهيك عن بذل بعض الجهود المحدودة في مجال زراعة الأعلاف و حماية المراعي من الحرائق...

بيد أن المراعي الطبيعية لازالت تشكل المصدر الأول و الأساس لتغذية الاعداد الغفيرة من المواشي في البلاد، و يعلم القاصي و الداني أن المراعي تتأثر دائما بتغيرات المناخ و الجفاف الذي يضرب من حين لآخر و دون سابق إنذار ، و هذه الحقيقة تستحق أن تؤخذ بنظر الاعتبار و يحسب لها ألف حساب قبل فوات الاوان.

فالاتجاه يجب أن ينصب من الآن فصاعدا على تخفيف الضغط عن المراعي الطبيعية بالتوسع في زراعة الأعلاف و تشجيع إقامة مصانع الأعلاف المركزة من مواد محلية و تأسيس محميات و مسيجات رعوية و وضع برامج لإدارة و تأهيل المراعي الطبيعية ...

و في الأخير وفق الله القائمين على قطاع التنمية الحيوانية لأداء واجباتهم على النحو المطلوب.

 

ثلاثاء, 02/11/2021 - 12:54

          ​