مهنة التوثيق .. مسار إصلاح

 

فخور بإنتمائي لمهنة قضائية من أعرق المهن وأكثرها تقديرا و إحتراما، بمعية دكاترة مختصين و وزراء وسفراء  سابقين وأساتذة ونواب برلمانيين ومحامين وكتاب ضبط ... وشباب جامعي مثقف . عائلة واحدة تعمل بكل مثابرة وجد ، تتحمل مسؤوليات عظمى اتجاه دينها و وطنها ، تصارع  لأداء أمانة عظيمة تأن من حملها الجبال والأرض  .

 لغتي و ألفاظي تخونني للتعبير عن مدى غبطتي وسعادتي بخطاب فخامة رئيس الجمهورية السيد : محمد ولد الشيخ الغزواني بتاريخ 24 مارس ، الذي أدخل بلادنا مرحلة جديدة عنوانها المصارحة والمكاشفة وعدم التستر  على مظاهر الانحراف وسوء التدبير ومخالفة القانون.

مهنتي مدين لها  بالدفاع عن شرفها وهيبتها و وقارها، لإيماني الكبير بها وبما يمكن ان تلعبه في  إسناد ودعم برنامج فخامة رئيس الجمهورية الذي تنفذه حكومة معالي الوزير الأول المهندس : محمد مسعود بلال ، الرامي في مقدمته الى توطيد قيم العدل شكلا ومضمونا .

كان تكليف وإعادة تكليف معالي الدكتور: محمد محمود بن الشيخ عبد الله بن بيه وزيرا للعدل وحافظا للختم، تأكيدا لصدق التوجه وجديته، و اعلانا بالقطع مع كل مظاهر السلبية التي كانت سائدة في هذا القطاع السيادي ، ونية صادقة لتبديد كل المخاوف والظنون.

دارت تحت إشراف و عناية معالي وزير العدل ماكينات و عجلات الإصلاح ، فوضعت الآليات والترتيبات ورصدت الموارد والأدوات و نقحت النصوص والتشريعات  و ضبطت الوسائل و الإمكانيات و استدعيت المهارات والكفاءات واصدرت المقررات والتعليمات ... فأثمرت النتائج والحلول .

 فرحنا بالمقرر  رقم :2021/1174 الصادر عن معاليه  بتاريخ 2021/10/08  ، فكان باكورة إصلاح غير مسبوقة تشهدها المهنة لأول مرة في تاريخها - بعد انتظار دام اكثر من عقدين -للاكتتاب وترسيم وانصاف الموثقين المساعدين المحلفين من الفئة الأولى ، بإدماج وإشراك هذه الكفاءات الشابة لتصل بالمهنة  الى اعلى درجات الشفافية والانضباط  .

ستسترجع معهم و بهم هيبتها و وقارها ، وتنجز  أعمالها بشكل مرضي ووفق القانون ، فلا يصلح لهذا العمل غير أهل الكفاءة و النزاهة والذكاء والحيوية والثقة .

 عمل حسّاس وخطير ، تنتقل فيه رؤوس أموال ضخمة من ذمة الى ذمة و  من وعاء الى وعاء، فتعقد فيه وتبرم ، آلاف الالتزامات والصفقات و مئات آلاف العقود البسيطة والمركبة ، التي تؤثر على حياة عشرات الآلاف من الأشخاص بعائلاتهم ومؤسساتهم و بمراكزهم القانونية.

أعمال الموثق خطيرة وحسّاسة ليست متاحة أو مشاعة لكل من هب و دب ، لها إسهاماتها في إسترداد الأموال المنهوبة والتصدي لجميع اشكال الجريمة المعاصرة من محاربة للفساد بكل صوره ، إلى الحد من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب...

القانون رقم :019-97 الصادر بتاريخ 16يوليو 1997 المنظم لمهنة التوثيق جاء ليحقق أهداف منها :
1. المحافظة على مصالح الناس من خلال توثيق عقودهم وضبط  معاملاتهم .
2. تخفيف الضغط عن المرفق القضائي
3. تحصيل مبالغ مالية معتبرة لخزينة الدولة .

منح القانون الموثق كل ما يستحق من قيّم الإجلال والعرفان، بإعطائه كامل التقدير والاحترام لعمله فعقوده بيّنة قاطعة امام العدالة على الاتفاق الذي تضمنته بين الأطراف المتعاقدين و ورثتهم ، قابلة للتنفيذ على امتداد التراب الوطني (المادة 56 من نفس القانون ) ، ولا يطعن فيها الا بالتزوير .

كذلك المرسوم رقم :130-99 الصادر بتاريخ 6نوفمبر1999في مادته الأولى (...لها نفس قوة قوانين الدولة ويعتدّ بها امام القضاء كما انها نافذة بقوة القانون ) .

ولائحة التصرفات الواجب توثيقها كثيرة ومتشعبة يحددها المرسوم المذكور أعلاه في مادته الثانية ومنها : بيع العقارات والسيارات والطائرات والبواخر  ، رهن العقارات والمنقولات و تأجيرها ...اضفاء الصبغة الرسمية على الوثائق العرفية ... الى جميع التصرفات المتعلقة بإنشاء الشركات ودمجها وبيع أسهمها  ...بالاضافة الى إصدار الوكالة العامة والخاصة ، اعتراف دين ، الكفالة والوصية ...إلخ .

كما اضافت المادة الثالثة من نفس المرسوم انه :( يجوز للموثقين تلقي التصرفات الأخرى التي لم يرد ذكرها في المادة 2 التي يراد لها أن تكتسي الطابع الرسمي ، وكذلك تقديم الخدمات المتفرعة عن مهام التوثيق ) ، كما  يجب عليهم تقديم خدماتهم كلما طلب منهم ذلك (  المادة الأولى ).

من الأكيد أن الوزارة عاكفة على مراجعة القانون المنظم للمهنة بتحسينه  وتطويره بالشراكة مع الجميع دون إقصاء  ، ليبدي الكل ملاحظاته ويقترح ما يراه مناسبا من توصيات، لإتمام بعض الخلل و سد بعض الثغرات، سبيلا لارتقاء بالمهنة لمزيد من الضبط والتحري والمشاركة في تنمية البلد .

مهنة التوثيق من المهن القضائية التي يعتمد عليها القطاع في إنجاح سياسته في توطيد الشفافية والمصداقية و تقريب  الخدمات من المواطنين وإنجازها بشكل اسرع وأفضل .

 فلنحافظ على هذا المسار ولا نترك منفذا فيه للمخربين والدخلاء والسلبيين و عديمو الذوق من رواد جمع المال وعشقه ، والاستثكار على الآخرين ، الذين يتحينون الفرص في كل مرة للهتك بالإصلاح و الفتك بالمصلح و اختطاف كل بارقة أمل و سرقة كل حلم جميل ... خاب المفسدون وخسروا .

كتبه الاستاذ: عبد الرحمن ولد محمد المهدي
موثق مساعد محلف من الفئة الأولى

خميس, 05/05/2022 - 09:25

          ​