عجائز على ابواب جهنم وشباب يستجيب (تحقيق)

شباب في سن الورود... بنات في عمر الزهور... كهول بالكاد يقفون على ثلاث... عجائز يرسم النمش أشكالا هندسية شتى على وجوههن... مخنثون يتبادلون النكات... سحاقيات يتبادلن القبل...

فرقتهم السنون والأجناس، فجمعهم الخمر والميسر والزنا، في بيت له باب ظاهره من قبله الرحمة و باطنه من قبله العذاب، في جمهورية أريد لها حين إنشائها أن تكون إسلامية موريتانية...

"بعثة صحفية خاصة" تطرق باب جهنم ليفتح عنها من يسميه رواد البؤرة اصطلاحا ب " خازن النار"، لتنقل لقرائها الكرام صورة لأقبح مشهد قد تراه العين لأحفاد المرابطين الشناقطة الذين أناروا بمشعل الدين كل ثنايا القارة السمراء... أهلا بكم – دون غضب- في مشاهد من مسرحية حقيقية تكشف حقيقة البعض من أبنائكم وآبائكم وأمهاتكم لحظات غيابهم عن المنزل...

القارة أفريقيا... الدولة "الجمهورية الإسلامية الموريتانية"... العاصمة "نواكشوط"... المقاطعة "تفرغ زينة"... العنوان " المطاعم الصينية"... في هذه الأماكن بالتحديد من الكرة الأرضية تتوقف عقارب الساعة عن الدوران، تذوب الفوارق العمرية، تتلاشى الطبقية الاجتماعية، وتظهر الطفرات الجنسية، ليتراقص الكهل والطفل، المرأة والرجل، المخنث والسحاقية، على أنغام موسيقى ماجنة مجن المكان، تختلف الكؤوس المتداولة من حيث الجودة، لكنها تتفق في التسمية ، إنها الخمر "أم الكبائر" بالنسبة لي ولك، لكنها بالنسبة لهم "جوهر الحياة"...

من هنا تبدأ أشد المسرحيات التراجيدية إيلاما، لتحكي جزء قليلا من واقع أصبح ينتشر بين مجتمعنا كانتشار النار في الهشيم، في ظل غفلة أو تغافل أو إهمال من السلطات المسؤولة.

مسرحية أبطالها مواطنون مسلمون، ومسرحها جمهورية إسلامية، وجمهورها مستنكرون لمنكرها لكنهم لا يملكون من وسائل تغيير المنكر سوى " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون"، "اللهم لا تهلكنا بذنوبنا ولا بذنوب غيرنا ولا بإهمال مسؤولينا، والله مولانا وهو على ما نقول شهيد".

المشهد الأول

في زاوية ضيقة من الوكر مترامي الأطراف تجلس عجوز في سن الستين تبدي من قبح جسدها أكثر مما تخفي، تحمل باليسرى أصبع حشيش وباليمنى كأس خمر، ومن بين شفاهها المغطاة بالحمرة تنطلق ضحكات مريعة... غير بعيد وعلى المقعد المواجه لها يجلس طفل لم يبلغ بعد سن الحلم يحمل بيمناه قنينة خمر ولا يكاد من فرط السكر يحرك يسراه، تشير له بأصبعها فيقترب كأنه ابن بار، تهمس في أذنه بكلمات فيتلقفها كأنه عبد مطيع، يجلس تحت الطاولة كالكلب يلبسها حذاءها الطويل، ثم يعود ليقرب مقعده من مقعدها، يتبادلان أطراف الحديث ، وما أدراك ما الحديث!! ... حديث كله عربدة وفسق ومجون، ترسم له بمنتهى الدقة والوقاحة خريطة قليل الجسد الذي حاولت ستره بملابس شفافة... يدوم المشهد نصف ساعة ثم ينتهي بخطوات متثاقلة يخطوها الثنائي المتناقض سنا نحو الفاحشة في شقة مفروشة أو على طريق غير مأهول...

المشهد الثاني

كهل تجاوز السبعين، ابيض شعر جفونه، يضع رجله الثالثة بجانبه الأيسر، يعانق كأس خمر، يتلقفها بين الفينة والأخرى وهي تكاد تسقط من بين يديه المرتجفتين، يرمق كل المارين بعيون أخذ منهما الدهر والخمر مأخذهما... بمحاذاته أو بالأحرى ملتصقة به تجلس فتاة في العشرين من عمرها تلبس ثوبا قصيرا بدت منه سوأتها، تترنح يمنة ويسرة، ومن لا وعيها تقبل الشيخ المخمور وكأنه زوج على فراش النوم.. تمضي ساعات تتخللها قبل ولا كلام، ثم يهم الشيخ بالوقوف، يتحرك من جانب آخر من القاعة رجلان فظان غليظان يحملان بقية الشيخ وهيكل الفتاة إلى حيث سيمضيان ساعات الليل القليلة المتبقية.

المشهد الثالث

على بعد أمتار من المشهدين يظهر شاب أسمر يحمل علبة رمادية اللون، يتدافع حين ظهوره إليه رجال ونساء من مختلف الفئات، تحدث بلبلة وفوضى ليتدخل "مسؤول الأمن" منظما حركة المرور في بؤرة الشيطان، يجلس الشاب على مقعد وحول المقعد يصطف الزبناء، يدفع كل حسب طاقته ليأخذ مخدرا يذهب قليل العقل الذي تبقى بعد الخمر... تمر ساعة أو تزيد ثم يختفي الشاب...

المشهد الرابع

يقترب الفجر لتبدأ طقوس الوداع ببعض العراك الخفيف الذي سرعان ما ينتهي عند الباب الذي يفتح على عالم آخر، ليركب كل ذي وذات سيارة سيارته ومن يصحبه أو يصطحبه من الندماء.. أما الفريق الآخر فيحاول جاهدا الوقوف على أرجله ليبحث عن سيارة أجرة تقله أو طريق مظلم يخفي فيه عجزه عن الحراك.

المشهد الأخير

يعلن التلفزيون الرسمي للجمهورية الإسلامية الموريتانية بواسطة وزير الشؤون الإسلامية عن تسيير بعثات دعوية إلى دول من القارة السمراء لنشر تعاليم الدين الإسلامي.

يظهر في المسجد شاب ملتحي يطالب بتطبيق شرع الله على أرض الله باعتباره الرادع الحقيقي لمثل هذه التصرفات المشينة، يطلب منه الإمام بنظرة فيها استجداء الكف عن الحديث، يبتسم الشاب المصر على إيصال رسالته مواصلا حديثه لينتهي به المطاف وحيدا في المسجد.

عن الزميلة الصباح

 

نقلا عن انواذيبو اليوم

أحد, 23/11/2014 - 10:11

          ​