المشهد السياسي: قراءة/ محمـد يحـــــيي ولد العبقــــــــري

وددت لو تماديت في عدم الكتابة كلما طلب مني أناي ذلك أما وقد انتصر على مرة فإني معول على لطف الرب ومسامحة القارئ فيما أطرح أمامه والذي ليس في الحقيقة إلا محاولة.

يعتقد كثيرون أن المناخ العام ما بعد نجاح الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله و بسبب دخول الإرهاب على الخط عزز الشعور بأن البلد بحاجة إلى قياده رجل قوي وأن لا ضير في أن يكون عسكريا على أن يقوم بالترتيبات القانونية اللازمة.

أهل هذا الرأي ينطلقون من أن المهم أولا وأبدا هو استتباب الأمن و تجنب تكرار ما حدث في ( تورين – القلاوية وحتى انواكشوط).و فيما يبدو فان ذلك لم يغب عن القائمين على المؤسسة العسكرية ممثلة في كبار الضابط الذين بحكم وضع مسؤوليتهم ظلوا يراقبون المشهد عن قرب.بعد تفاقم صراع الرئيس سيدي وكبار الضباط قرر إنهاء مهامهم فأنهوا عهده و لتدخل البلاد من جديد عهدا من عدم الاستقرار، ربما غاب عن الجميع خطورة ما يمكن أن يسبب ذلك الخلاف للبلاد.ولولا أن القادة الجدد تفطنوا إلى مشاكل المواطنين الملحة وبادروا بحل العديد منها: (تجهيز مستشفيات منح قطع أرضية..) لزاد الوضع سوء على جميع المستويات.و عزز ذلك أنهم عملوا المستطاع في محاولة للسيطرة على التضخم وذلك رغم الحصار الإقليمي بل الدولي والأزمة العالمية المالية.ولأن الشعوب الكادحة ارغب في الحلول الواقعية العاجلة منها في المؤملة أو المتوسطة المدى.

 

فقد اعتقدوا أن ما يقام به من إصلاحات   هنا وهناك مؤشر على صدق نوايا حكام انواكشوط الجدد وأن على الجميع مساندتهم عملا بالتعامل مع الواقع وأملا في صد الخطر المحدق المتمثل في الإرهاب.في الجانب الآخر يحشد مناصرو الرئيس المخلوع ومناهضو الانقلاب على الشرعية أنصارهم وذلك في مظاهرات في شوارع نواكشوط ومداولات  وتحت قبة البرلمان الذي شهد مناقشات أضحت شبه يومية و تتطور أحيانا وتقترب من عراك الأيدي.هذا الجو خيم على الحياة العامة في البلد وغذته الموافق السياسية في شبه المنطقة وفي العالم بحيث اتخذت منه المعارضة أساسا يعضد توجهاتها وسعيها إلى إرجاع النظام الشرعي قبل أي حوار محتمل.

 

وبعد أن مل الجميع من النزاعات السياسية ومع تراجع الاهتمام الدولي بالموضوع لصالح الحكام الجدد الذين يرى البعض أنه يمكن أن يعول عليهم في كسب المعركة ضد الإرهاب، بدأ الحديث عن إجراء حوار حول الأزمة لتدخل أطراف إقليمية و دولية على خطه هذه المرة كمسهلين.لا نود هنا الدخول في تفاصيل خارطات الطريق تلك لأننا نجهل التفاصيل من جهة ثم لأنه لم يعد يترتب عليها كبير شأن اليوم.لقد أسس اتفاق دكار لشيء من الثقة بين الأطراف وكان غاية في الأهمية لتخطي الخلافات وإرساء بعض من التنازلات والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.وقد تطلب ذلك تشكيل " حكومة توافقية" ولجنة مستقلة مشرفة على الانتخابات وتعديلا لبعض صلاحيات المجلس الأعلى للدفاع.حملة يوليو الرئاسية 2009:تعد حملة يوليو الرئاسية 2009 من أضخم الحملات التي عاشها البلد وذلك لوجود مرشحين كبار واجتهاد جميع الأطراف في كسب الرهان.

 

يوم الاقتراع :

نجاح عزيز في الشوط الأول، لا أحد من المراقبين ولا العموم كان يشكك في عدم حصول شوط ثاني ولأن الاقتراع كان شفافا لم يكن بالوسع الغمز في نتائجه.في الجانب الآخر: تسجل المعارضة علمها بقرار المجلس الدستوري ويري الحزب الحاكم في ذلك نكوصا عن التعهدات.وتدخل البلاد من جديد صراعا سياسيا يبدو أنه لم يترك مدة التعافي في تطول.  أحداث نقف عندها:بدأ كل طرف يعد عدته لقابل الأيام:-         المعارضة لمواجهة النتائج وإلغائها والمطالبة بتطبيق بنود داكار التي من وجهة نظرهم تم الالتفاف عليها.

 

-         النظام: لمواجهة كافة الاحتمالات واخذ الحيطة خشية انزلاق الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.   وقد نسي القوم أو تناسوا :-         أن السياسة هي أن تكذب في صدق-         وأن تصدق بمكرأو هي:أن تفعل ما لا انت مقتنع به.أو أن تناقص جيناتك بضحكة تمليها عليك المصالح.والحقيقة أن السياسية كما يرى العارفون بها هي: ان تتجاوب مع ما يطلب الناس. الربيع العربي:ومن دون استئذان يدخل على الخط لا عب جديد: (الربيع العربي)زعمت المعارضة أنه قياسا على ما تم في بلدان عدة فإن التغيير لا محالة قادم ورأى النظام أن الانقلاب على معاوية وإنهاء حكمه كلها أمور تمثل ثورة على الفساد وأن البلد استبق إليها ومن ثم فإن ما يسمى بالربيع العربي لا يهم موريتانيا التي إليها يرجع فضله.وتستمر المواجهات على كل المستويات:

 

-         الشارع الذي استمر في عدم الاستقرار-         قبة البرلمان الذي بتجاوز مدة مأموريته يصبح بالنسبة للمعارضين مادة تضاف إلى المساس بالشرعية المطلوب إرساؤها و احترامها.المواطنون من جهتهم يرقبون الوضع, متمنين التوصل إلى ما يرضي الجميع فبذالك تعم العافية و السكينة و تنظم انتخابات عامة يكون التنافس بها شديدا وهذا لعمري ما يريد الجميع.فهم ناقص للمراجعات الدستورية :          التعديلات الدستورية رغم أهميتها في تخطي الصعاب والورطات يخافها البعض ويري فيها مساسا بالشرعية, مع أن الدستور في بعض مواده يفتح مجال مراجعته.لسنا هنا بصدد تشجيع المراجعات لكن نبين شرعيتها ودورها في تجاوز الضيقات السياسية هذا ان التزمت المقتضيات القانونية .

 

أمثلــــــــة :في اسويسرا :    دستور 1848 تمت مراجعته في 1874/05/29.في السنغال: دستور 1963/03/7 تمت مراجعته في 1970/2/22 و 1991/09/21 وفي مايو 1992.وفي روسيا الاتحادية: دستور 93/12/12 قد حل محله دستور 77/10/7 الذي عدل 130 مرة.الحملات الانتخابية :المواطنون العاديون ( الضعفاء من الناس ) : يعتقدون أنها فرصتهم الوحيدة إذ فيها يتم تحريك المنافع...و لسان حالهم أن الحملة أهم من الاقتراع لما تجلب من أرزاق ووو...  كما أن مثقفو البلد وساسته يعتقدون أنها السبيل الأوحد لإظهار قدراتهم ومن ثم نيل ما تيسر من التعيينات والامتيازات أو المحافظة على الموجود أصلا. 

 

إن لم يكن على قدر العطاء في الحملة فبالنجاح في مغالطة القائمين على الحكم بأن ما حصل هو ثمرة عملهم.يجمع الناس على أن الحملة محرك أساسي لعجلة" التنمية الاقتصادية" عند الجميع و ذلك لما تخلف من نفقات على جميع المستويات.الطامة الكبرى: أن القائمين على اللعبة (السياسية) هذه ( لعبة الخلاف لا اختلاف) يجزمون بأن بلدهم معصوم من الزلل والفوضى غير مكترثين بما يحصل في بلاد مجاورة وحتى بعيدة أكثر تجربة في الديمقراطية والمدنية.أفلا يدركون أن الدول التي بها استقرار سياسي وأمني هي التي تحقق مزيدا من النمو والرفاه بشرط التركيز علي الكفاءات المخلصة والنزيهة وإعلاء سلطة القانون لتكون فوق كل الاعتبارات, ومحاربة الفساد وتحقيق تكافئ الفرص بين المواطنين في قطاعات الدولة علي أساس الجدارة !إن الثلاثي : الأمن – التنمية – العدالة .. هو ما تنشد الشعوب.ويتعجب المواطن الغير منضو في أي توجه من الحب الزائد في قيادة بلد ضعيف يسير في طريق النمو ويحمله البعض بالقوة إذا وظف تنوعه في الجانب السلبي بذور عدم التراضي وعدم الإجماع.

 

فهلا زهد هؤلاء في المسؤولية التي هي في الحقيقة وعبر تاريخ العظماء تكليف لا تشريف. إن حصول ذلك  قد يخفف  من وطأة التنافر.لا يدرك الساعون إلى إرباك المشهد السياسي أنهم إنما يربكون وطنا كاملا هم من نخبه وحرى بهم الأخذ به إلى بر الأمان.  أما توقع الوصول إلى الحلول أو الإجماع أو حتى التفاهمات فلا يبدو أن موعده قد قرب.

 

اقتراع جمعة 21 يونيو 2014:

نحن الآن في الخميس 20/05/2014 :

بدء تصويت العسكريين ورجال الأمن, المواقع  الالكترونية تشير إلى نسبة مشاركة مرتفعة لكن لا يدرى لصالح من. 

 

-         الجمعة 21/05/2014 :

 

-         اتخذت كافة التدابير من أجل الفوز كل حزب بما لديهم مقتنعون بعد حملة دامت 15 يوما.

 

-         الثامنة صباحا: جل مكاتب التصويت فتحت أبوابها, حضر الكادر البشري, الجوانب الفنية جاهزة, بدأ التصويت بالفعل لم يعد هناك مجال للتأجيل.-         الساعة الآن تشير إلى العاشرة صباحا: اجتهاد القائمين على العملية في إحضار الناخبين - ما تيسر منهم -مستوى الإقبال متوسط إلى عادي ...

 

-         الساعة الثانية عشرة :

هبوط في مستوى الإقبال (يهتف االفاعلون : مرد ذلك عامل درجة الحرارة, المتوقع أن يرتفع المستوى بحدود الرابعة مع حركة رياح المحيط الباردة).  ويتم إحضار بعض المشروبات التي توزع على الجميع دون مراعاة لأي انتماء.

-         الساعة الخامسة والنصف مساء وبعد صلاة العصر: يلحظ المرء زيادة في العمل في نقل الناخبين وبالفعل تزداد نسبة الإقبال فتتشكل صفوف متوسطة أمام المكاتب.

 

  -         السابعة مساء : تغلق المكاتب من دون حاجة إلى التمديد في الوقت. استطلاعات الرأي:-         نجاح عزيز بنسبة 74/% .-         نجاح عزيز بنسبة 80% .-         البطاقات اللاغية : 1%. ) يبدو أنها لاعب أساسي(-         البطاقات المحايدة :1.5%

-         المراقبون:

-         الأخطاء الحاصلة لا تشكل إخلالا بالعملية.

 

-         الجانب اللوجستي كان في المستوى المطلوب دوليا.

-         العملية هذه المرة أيسر بفعل التجربة ونقص عدد الخانات المراد ملؤها.   المواطن العادي:-         يمضي يومه ذلك في متابعة ما يجد من أخبار بعد التعامل مع الحبر الذي قد لصق بالأصابع.

 

-         منتصف الليل :

 

-         النتائج المتحصل عليها عبر وسائل الإعلام العامة و ما يصدر عن المستقلة تذهب في نفس الاتجاه : فوز الرئيس القديم الجديد.مؤتمرات صحفية:-         المعارضة: تسجل النتائج دون اعتراف.

-         حملة عزيز والأغلبية : يحيون نجاحهمينتظر تبعا للمساطر القانونية صدور النتائج المؤقتة من المستقلة والنهائية عن المجلس الدستوري.إلى ذلكم سيكون قد قيم بأهم عملية انتخابية في البلد.مواقف الأطراف:  (أغلبية ومعارضة) المنتظر أنهم لا زالت تلك دعواهم...مع رجاء الخير للجميع.      

 

              ) يتواصل(…

 

سبت, 07/06/2014 - 16:02

          ​